للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مُخفوه من ذلك، مُطَّلِعٌ عليه، ومُحْصيه عليهم، حتى يهتِكَ به (١) أستارَهم في عاجلِ الدنيا، فيفضَحَهم به، ويُصْلِيَهم به في (١) الدَّرْكَ الأسفلَ من النارِ في الآخرةِ.

القولُ في تأويلِ قولِه جلَّ ثناؤُه: ﴿الَّذِينَ قَالُوا لإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (١٦٨)﴾.

يعنى تعالى ذكرُه بذلك: وليعلَمَ اللهُ الذين نافقوا، الذين قالوا لإخوانِهم وقعَدوا فموضعُ ﴿الَّذِينَ﴾ نصبٌ على الإبدالِ من ﴿الَّذِينَ نَافَقُوا﴾، وقد يجوزُ أن يكونَ رفعًا على الترجمةِ عمَّا في قولِه: ﴿يَكْتُمُونَ﴾. من ذكرِ ﴿الَّذِينَ نَافَقُوا﴾. فمعنى الآيةِ: وليعلَمَ اللهُ الذين قالوا لإخوانِهم الذين أُصيبِوا مع المسلمين في حربِهم المشركين بأحدٍ يومَ أحدٍ، فقُتِلوا هنالك، من عشائرِهم وقومِهم، ﴿وَقَعَدُوا﴾. يعنى: وقعَد هؤلاء المنافقون القائلون ما قالوا، مما أَخْبَرَ اللهُ ﷿ عنهم، من قيلِهم عن الجهادِ مع إخوانِهم وعشائرِهم في سبيلِ اللهِ: ﴿لَوْ أَطَاعُونَا﴾. يعني: لو أطاعنا مَن قُتِل بأحدٍ مِن إخوانِنا وعشائرِنا ﴿مَا قُتِلُوا﴾. يعني: ما قُتِلوا هنالك. قال اللهُ تعالى ذكره لنبيِّه محمدٍ قل يا محمدُ لهؤلاء القائلين هذه المقالةَ من المنافقين: ﴿فَادْرَءُوا﴾. يعني: فادْفَعوا، من قولِ القائلِ: دَرَأَتُ عن فلانٍ القتلَ - بمعنى: دفَعتُ عنه - أَدْرَؤُه دَرْءًا. ومنه قولُ الشاعر (٢):

أقولُ (٣) وقد دَرَأْتُ لها وَضِينى … أهذا دينُه أبدًا ودِيني

يقولُ تعالى ذكرُه: قل لهم: فادْفَعوا - إن كنتُم أيها المنافقون صادقين في


(١) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س.
(٢) هو المثقب العبدي، وقد تقدم في ٢/ ٤٧٠، ٤٧١.
(٣) في م: "تقول". ومثله ما تقدم، والمثبت رواية أخرى ينظر ديوان المثقب ص ١٩٧.