للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالبيناتِ فلم يؤمنوا، لم يُنظروا (١).

القولُ في تأويلِ قوله تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي (٢) إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (٧)﴾.

يقولُ تعالى ذِكرُه لنبيِّه : وما أرسلنا يا محمدُ قَبْلَك رسولا إلى أُمَّةٍ من الأممِ التي خَلَت قبلَ أُمَّتِك إلَّا رجالًا مثلهم نُوحِى إليهم ما نريدُ أن نُوحيه إليهم مِن أَمْرِنا ونَهْيِنا، لا ملائكةً، فماذا أنكَروا من إرْسَالِناك إليهم، وأنتَ رجلٌ كسائرِ الرُّسلِ الذين قبلَك إلى أممِهم؟!

وقولُه: ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾. يقولُ للقائلين لمحمدٍ في تناجِيهم بينَهم: هل هذا إلا بشرٌ مِثْلُكم. فإن أنكَرْتم وجَهِلْتُم أمرَ الرُّسل الذين كانوا من قبلِ محمدٍ، فلم تعلَموا أيُّها القومُ أمرَهم إنسًا كانوا أم ملائكةً، ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ﴾. أي: أهلَ الكُتُبِ من التوراةِ والإنجيلِ ما كانوا يُخبِرُوكم عنهم.

كما حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾. يقولُ: فاسألوا أهلَ التوراةِ والإنجيلِ - قال أبو جعفرٍ: أُرَاه أنا قال: يُخبرُوكم - أن الرسلَ كانوا رجالًا يأكُلُون الطعامَ، ويمشُون في الأسواقِ (٣).

وقيل: أهلُ الذِّكْرِ أهلُ القرآن.


(١) في ص، م، ت ١، ف: "يناظروا".
والأثر تقدم أوله في ص ٢٢٦.
(٢) في ت ١، ت ٢، ف: "يوحى". وهي قراءة نافع وابن كثير وأبى بكر وابن عامر وأبي عمرو وحمزة والكسائي، والمثبت هو قراءة حفص. السبعة لابن مجاهد ص ٤٢٨.
(٣) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ٢/ ٣٢ عن معمر، عن قتادة بنحوه.