وتَرْكِهم عبادةَ مَن جميعُ ما بهم مِن نعمتِه، ومَن به استغاثتُهم عندَ ما ينزلُ بهم مِن الحوائجِ والمصائبِ.
وقيل: ﴿مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ﴾. فأخرَج ذكرَ الآلهةِ وهى جمادٌ مُخرجَ ذِكْرِ بنى آدمَ ومَن له الاختيارُ والتمييزُ، إذ كانت قد مَثَّلَتها عبدَتُها بالملوكِ والأمراءِ التي تخدُمُ في خدمتِهم إيَّاها، فأجرَى الكلامَ في ذلك على نحوِ ما كان جاريًا فيه عندَهم.
يقولُ تعالى ذكرُه: وإذا جُمع الناسُ يومَ القيامةِ لموقفِ الحسابِ، كانت هذه الآلهةُ التي يَدْعونها في الدنيا لهم أعداءً؛ لأنهم يتَبرَّءُون منهم، ﴿وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: وكانت آلهتُهم التي يعبُدونها في الدنيا بعبادتِهم جاحِدِين؛ لأنهم يقولون يومَ القيامةِ: ما أمَرناهم بعبادتِنا، ولا شَعرنا بعبادتِهم إيَّانا، تبَرَّأنا إليك منهم يا ربَّنا.
وقولُه: ﴿وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: وإذا تُقرأُ على هؤلاء المشركين باللهِ من قومِك ﴿آيَاتُنَا﴾. يعنى: حُجَجُنا التي احْتَجَجْناها عليهم، فيما أنزَلناه من كتابِنا على محمدٍ ﷺ. يعني: واضحاتٍ نَيِّراتٍ، ﴿قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: قال الذين جَحَدوا وحدانيةَ اللهِ وكذَّبوا رسولَه للحقِّ لما جاءَهم مِن عندِ اللهِ، فأنزَله على رسولِه ﷺ: ﴿هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ﴾. يعنون: هذا القرآنُ خداعٌ يخدَعُنا، ويأخذُ بقلوبِ من سمِعه، فعلَ السحرِ، ﴿مُبِينٌ﴾. يقولُ: يَبِينُ لمن تأمَّله ممن سمِعه أنه سحرٌ مبينٌ.