للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القولُ في ذلك، وسُئِلَ الفرقَ بينهما من أَصْلٍ أو نَظِيرٍ، فلن يقولَ في أحدِهما قولًا إِلا أُلْزِمَ في الآخرِ مثلَه.

فإذ كان ما وَصَفْنا من الجميعِ إجماعًا، فبَيِّنٌ أن الرُّشْدَ الذي به يَسْتَحِقُّ اليتيمُ - إذا بلَغ، فأُونِسَ منه - دَفْعَ مالِه إليه، هو ما قُلْنَا مِن صحةِ عَقْلِه وإصلاحِه مالَه.

القولُ في تأويلِ قولِه جل ثناؤُه: ﴿فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا﴾.

يعنى بذلك تعالى ذكْرُه وُلاةَ أموالِ اليتامى، يقولُ اللهُ لهم: فإذا بلَغ أيتامُكم الحُلُمَ، فآنَسْتُم منهم عقلًا وإصلاحًا لأموالِهم، فادْفَعوا إليهم حينَئذ أموالَهم، ولا تَحْبِسُوها عنهم.

وأما قولُه: ﴿وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا﴾. [فإنه يَعْنى: ولا تَأْكُلُوا يا معشرَ ولاةِ أموالِ اليتامَى أموالَهم ﴿إِسْرَافًا﴾] (١) يعنى: بغيرِ ما أباحه اللهُ لكم (٢).

كما حدَّثَنَا الحسنُ بنُ يحيى، قال: أَخْبَرَنَا عبدُ الرزاقِ، قال: أَخْبَرَنَا معمرٌ، عن قتادةَ والحسنِ: ﴿وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا﴾. يقول: لا تُسْرِفُ فيها (٣).

حدَّثَنَا محمدُ بنُ الحسين، قال: ثنا أحمدُ بنُ مُفَضَّلٍ، قال: ثنا أسباطُ، عن السُّدِّيِّ: ﴿وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا﴾. قال: تُسْرِفُ في الأكلِ (٤).

وأصلُ الإسرافِ: تجاوزُ الحدِّ المباحِ إلى ما لم يُبَحْ، وربما كان ذلك في


(١) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س.
(٢) في ص، ت ١، ت ٢، س: "لك".
(٣) تفسير عبد الرزاق ١/ ١٤٦.
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٣/ ٨٦٦ (٤٨١٢) من طريق أحمد بن المفصل به.