للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقولُه: ﴿فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه لنبيِّه محمدٍ : فانظُرْ يا محمدُ بعَيْنِ قلبِك كيف كان عاقبةُ تكْذِيبِ هؤلاء الذين جحَدوا آياتِنا حينَ جاءتْهم مُبْصِرةً، وماذا حَلَّ بهم مِن إفْسادِهم في الأرضِ، ومعصيتِهم فيها ربَّهم، وأعْقَبَهم ما فعَلوا، فإن ذلك أخرَجهم من جناتٍ وعيونٍ، وزُرُوعٍ ومَقَامٍ كريمٍ، إلى هَلاكٍ في العاجلِ بالغَرَقِ، وفى الآجلِ إلى عذابٍ دائمٍ، ﴿لَا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ﴾ [الزخرف: ٧٥]. يقولُ: وكذلك يا محمدُ سُنَّتي في الذين كذَّبوا بما جئْتَهم به مِن الآياتِ، على حقيقةِ ما تَدْعُوهم إليه مِن الحقِّ مِن قومِك.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ (١٥)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: ولقد آتَينا داودَ وسليمانَ عِلْمًا. وذلك علمُ كلامِ الطيرِ والدَّوَابِّ، وغيرِ ذلك مما خَصَّهم اللهُ بعلمِه، ﴿وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ﴾. يقولُ جلَّ ثناؤُه: وقال داودُ وسليمانُ: الحمدُ للهِ الذي فَضَّلَنا بما حَصَّنا به مِن العلمِ الذي آتاناه دونَ سائرِ خلقِه من بني آدمَ في زمانِنا هذا، على كثيرٍ من عبادِه المؤمنين به في دَهْرِنا هذا.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَاأَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ (١٦)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: وورِث سليمانُ أباه داودَ العلمَ الذي كان [اللهُ آتاه] (١) في حياتِه، والمُلْكَ الذي كان خَصَّه به على سائرِ قومِه، فجعَله له بعدَ أبيه داودَ دونَ سائرِ ولدِ أبيه، ﴿وَقَالَ يَاأَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ﴾.


(١) في م: "آتاه الله".