للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذِكرُ مَن قال ذلك

حَدَّثَنِي موسى، قال: [حدَّثنا عمرٌو، قال] (١) ثنا أسباطُ، عن السُّدِّيِّ: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللهِ﴾. قال. الأندادُ مِن الرجالِ، يُطيعونهم كما يطيعون اللهَ، إذا أمروهم أطاعوهم وعَصَوُا اللهَ (٢).

فإن قال قائلٌ: وكيف قيل: ﴿كَحُبِّ اللهِ﴾؟! وهل يحبُّ اللهُ الأندادَ؟! أو هل كان مُتَّخِذو الأندادِ يُحِبون اللهَ فيقالَ: ﴿يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللهِ﴾؟! قيل: إنَّ معنى ذلك بخلافِ ما ذَهَبْتَ إليه، وإنما نَظيرُ ذلك قولُ القائِلِ: بِعتُ غلامِي كبَيْعِ غلامِك. بمعنى: بِعْتُه كما بِيعَ غُلامُك، وكبَيْعِك غلامَك. واسْتَوْفَيْتُ حقِّي منه استِيفاءَ حقِّك. بمعنى: استيفائِك حقَّكَ. فتَحْذِفُ مِن الثاني كنايةَ اسمِ المخاطَبِ اكتفاءً بكنايتِه في "الغلامِ" و"الحقِّ"، كما قال الشاعرُ (٣):

فلستُ مُسَلِّمًا ما دُمْتُ حَيًّا … على زَيْدٍ بتَسْلِيمِ الأميرِ

يعني بذلك: كما يُسَلَّمُ على الأميرِ.

فمعنى الكلامِ إذن: ومِن الناسِ مَن يَتَّخِذُ - أيها المؤمنون - مِن دونِ اللهِ أندادًا يُحِبُّونهم كحُبِّكم (٤) اللهَ.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿وَلَوْ يَرَى (٥) الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ (١٦٥)﴾.


(١) سقط من: م، ت ١، ت ٢، ت ٣.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ١/ ٢٧٦ (١٤٨١) من طريق عمرو بن حماد به.
(٣) معاني القرآن للفراء ١/ ١٠٠، والبيان والتبيين ٤/ ٥١، وأمالي المرتضى ١/ ٢١٥.
(٤) في م: "كحب".
(٥) في الأصل: "ترى". وينظر ما سيأتي في الآية من قراءات.