للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما قولُه: ﴿وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (٤) بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ﴾. فقد ذكَرْنا الروايةَ في تأويلِه قبلُ، وبيَّنا معناه.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (٦)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: وعْدَ اللهِ جلَّ ثناؤُه؛ وعَد أن الرومَ ستَغْلِبُ فارسَ من بعدِ غَلَبَةِ فارس لهم. ونُصِب ﴿وَعْدَ اللَّهِ﴾ على المصدرِ من قولِه: ﴿وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ﴾؛ لأن ذلك وعدٌ من اللهِ لهم أنهم سيَغْلِبون، فكأنه قال: وعَد اللهُ ذلك المؤمنين وعدًا، ﴿وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: إِن اللهَ يَفِى بوعدِه للمؤمنين أن الرومَ سَيغْلِبون فارسَ، لا يُخلِفُهم وعدَه ذلك؛ لأنه ليس في مواعيدِه خُلفٌ، ﴿وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾. يقولُ: ولكنَّ أكثرَ قريشٍ الذين يُكَذِّبون بأن اللهَ منجزٌ وعدَه المؤمنين من أن الرومَ تَغْلِبُ فارسَ -لا يَعْلَمون أن ذلك كذلك، وأنه لا يَجوزُ أن يَكونَ في وعدِ اللهِ إخلافٌ.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ (٧)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: يعلمُ هؤلاء المكذِّبون بحقيقةِ خبرِ اللهِ أن الرومَ ستَغْلِبُ فارسَ- ﴿ظَاهِرًا﴾ مِن أمرِ (١) حياتِهم الدنيا وتدبيرِ (٢) معايشِهم فيها، وما يُصْلِحُهم، رهم عن أمرِ آخرتِهم، وما لهم فيه النجاةُ من عقابِ (٣) اللهِ هنالك غافلون، لا يُفَكِّرون فيه.


(١) سقط من: م، ت ٢، ف.
(٢) فى ت ١، ت ٢: "تدبر".
(٣) في ت ٢: "عذاب".