للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذلك كلِّه تاءً، والواؤ في هذه الحروفِ كلِّها حرفٌ (١) من الأسماء، وليست كذلك في ﴿تَاللَّهِ﴾؛ لأنها إنما هي واوُ القسم، وإنما جُعِلَت تاءً لكثرةِ ما جرَى على ألسُنِ العربِ في الأيمانِ في قولِهم: واللهِ. فخُصَّت في هذه الكلمةِ بأن قُلِبت تاءً، ومن قال ذلك في اسمِ اللهِ، فقال: تاللهِ - لم يقُلْ: تالرحمنِ و تالرحيمِ، ولا مع شيءٍ من أسماءِ اللهِ، ولا مع شيءٍ مما يُقسم به، ولا يُقالُ ذلك إلا في ﴿تَاللَّهِ﴾ وحده.

وقولُه: ﴿لَقَدْ عَلِمْتُمْ مَا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي الْأَرْضِ﴾. يقولُ: لقد علِمْتُم ما جئْنَا لَنَعْصِيَ الله في أرضِكم.

كذلك كان يقولُ جماعةٌ من أهلُ التأويلِ.

ذكرُ من قال ذلك

حدَّثني المثنى، قال: ثنا إسحاقُ، قال: ثنا عبدُ اللهِ بن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الربيعِ بن أنسٍ في قولِه: ﴿قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ مَا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي الْأَرْضِ﴾. يقولُ: ما جئنا لنعْصِىَ في الأرضِ (٢).

فإن قال قائلٌ: وما كان عِلْمُ (٣) مَن قيل له: ﴿لَقَدْ عَلِمْتُمْ مَا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي الْأَرْضِ﴾. بأنهم لم يَجِيئوا لذلك، حتى اسْتَجاز قائلو ذلك أن يقُولوه؟

قيل: اسْتَجازوا أن يقولوا ذلك؛ لأنهم، فيما ذُكِر، ردُّوا البضاعة التي وجَدوها في رحالهم، فقالوا: لو كنا سُرَّاقًا لم نَرُدَّ عليكم البضاعةَ التي وجَدْناها في


(١) سقط من: م.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٧/ ٢١٧٤ (١١٨١٣) من طريق ابن أبي جعفر به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ٢٧ إلى أبي الشيخ.
(٣) في م: "أعلم".