للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد ذكَرنا ما في ذلك من الرواياتِ قبلُ، فيما مضى، وبيَّنا معناه.

وقولُه: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا﴾. يقولُ: إن الله يستُرُ على الذنوبِ كلِّها، بعفوِه عن أهلِها، وتَركِه عقوبتَهم عليها إذا تابوا منها، إنه هو الغفورُ الرحيمُ بهم، أن يعاقبَهم عليها بعدَ توبتِهم منها.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ (٥٤) وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ (٥٥)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: وأقبِلوا أيُّها الناس إلى ربِّكم بالتوبةِ، وارجِعوا إليه بالطاعةِ له، واستجيبوا له إلى ما دعاكم إليه من توحيدِه، وإفرادِ الأُلوهةِ له، وإخلاصِ العبادةِ له.

كما حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ﴾: أي أَقْبِلوا إِلى رَبِّكم (١).

حدَّثنا محمدٌ، قال: ثنا أحمدُ، قال: ثنا أسباطُ، عن السديِّ: ﴿وَأَنِيبُوا﴾.

قال: أجِيبوا.

حدَّثني يونسُ، قال: أخبَرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زِيدٍ في قولِه: ﴿وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ﴾. قال: الإنابةُ الرجوعُ إلى الطاعةِ، والنزوعُ عما كانوا عليه، ألا تراه يقولُ: ﴿مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ﴾ [الروم: ٣١].

وقولُه: ﴿وَأَسْلِمُوا لَهُ﴾. يقولُ: واخْضَعوا له بالطاعةِ والإقرارِ بالدينِ؛: الحنيفيةِ ﴿مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ﴾ من عندِه على كفرِكم به، ﴿ثُمَّ لَا


(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ٣٣٢ إلى المصنف وعبد بن حميد.