وقد ذكَرنا ما في ذلك من الرواياتِ قبلُ، فيما مضى، وبيَّنا معناه.
وقولُه: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا﴾. يقولُ: إن الله يستُرُ على الذنوبِ كلِّها، بعفوِه عن أهلِها، وتَركِه عقوبتَهم عليها إذا تابوا منها، إنه هو الغفورُ الرحيمُ بهم، أن يعاقبَهم عليها بعدَ توبتِهم منها.
يقولُ تعالى ذكرُه: وأقبِلوا أيُّها الناس إلى ربِّكم بالتوبةِ، وارجِعوا إليه بالطاعةِ له، واستجيبوا له إلى ما دعاكم إليه من توحيدِه، وإفرادِ الأُلوهةِ له، وإخلاصِ العبادةِ له.
كما حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ﴾: أي أَقْبِلوا إِلى رَبِّكم (١).
حدَّثنا محمدٌ، قال: ثنا أحمدُ، قال: ثنا أسباطُ، عن السديِّ: ﴿وَأَنِيبُوا﴾.
قال: أجِيبوا.
حدَّثني يونسُ، قال: أخبَرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زِيدٍ في قولِه: ﴿وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ﴾. قال: الإنابةُ الرجوعُ إلى الطاعةِ، والنزوعُ عما كانوا عليه، ألا تراه يقولُ: ﴿مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ﴾ [الروم: ٣١].
وقولُه: ﴿وَأَسْلِمُوا لَهُ﴾. يقولُ: واخْضَعوا له بالطاعةِ والإقرارِ بالدينِ؛: الحنيفيةِ ﴿مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ﴾ من عندِه على كفرِكم به، ﴿ثُمَّ لَا
(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ٣٣٢ إلى المصنف وعبد بن حميد.