وصفتَه مَن أمَرهم اللهُ ببيانِه له مِن الناسِ، ﴿عَذَابًا مُهِينًا﴾ يعنى: العقابَ المُذِلَّ مَن عُذِّب بخلودِه فيه، عتادًا له فى آخرتِه إذا قدِم على ربِّه، وآخَذه بما سلَف منه مِن جحودِه فرضَ اللهِ الذى فرَض عليه.
يعنى بذلك جلَّ ثناؤُه: وأعتَدْنا للكافرين باللهِ مِن اليهودِ، الذين وصَف اللهُ صفتَهم عذابًا مُهِينًا، ﴿وَالَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَاءَ النَّاسِ﴾. و ﴿وَالَّذِينَ﴾ في موضعِ خفضٍ عَطْفاً على الكافرين.
وقولُه: ﴿رِئَاءَ النَّاسِ﴾. يعنى: يُنفِقُه مراءاةَ الناسِ في غيرِ طاعةِ اللهِ أو غيرِ سبيلِه، ولكن في سبيلِ الشيطانِ، ﴿وَلَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ﴾. يقولُ: ولا يُصَدِّقون بوحْدانيَّةِ اللهِ، ولا بالمعادِ (١) إليه يومَ القيامةِ -الذي فيه جزاءُ الأعمالِ- أنه كائنٌ، وقد قال مجاهدٌ: إن هذا مِن صفةِ اليهودِ. وهو صفةُ أهلِ النفاقِ الذين كانوا أهلَ شركٍ، فأظْهَروا الإسلامَ تقيَّةٌ مِن رسولِ اللهِ ﷺ و أهلِ الإيمانِ به، وهم على كفرِهم مقيمون، أشبهُ منهم بصفةِ اليهودِ؛ لأن اليهودَ كانت تُوَحِّدُ اللهَ، وتُصَدِّقُ بالبعثِ والمَعَادِ، وإنما كان كفرُها تكذيبَها بنبوَّةِ محمدٍ ﷺ.
وبعدُ؛ ففى فصلِ اللهِ بينَ صفةِ الذين لا يُؤْمِنون باللهِ ولا باليومِ الآخِرِ، وصفةِ الفريقِ الآخَرِ الذين وصَفهم في الآيةِ قبلَها وأخبر أن لهم عذابًا مُهِينًا، بالواوِ الفاصلةِ بينَهم - ما يُنْبِئُ عن أنهما صفتانِ مِن نوعيْن مِن الناسِ مختلفَي المعاني، وإن كان