اختَلف أهلُ التأويلِ في تأويلِ ذلك؛ فقال بعضُهم: عَنَى: ﴿وَإِنْ تَلْوُوا﴾، أيُّها الحُكَّام، في الحُكْمِ لأحدِ الخَصْمَين على الآخرِ ﴿أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا﴾. ووَجَّهوا معنى الآيةِ إلى أنها نَزَلت في الحُكَّامِ، على نحوِ القولِ الذي ذَكَرنا عن السُّدِّيِّ مِن قولِه: إن الآيةَ نَزَلَت في رسولِ اللهِ ﷺ. على ما ذكرنا قبلُ.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثنا ابن حُميدٍ وابنُ وَكيعٍ، قالا: ثنا جَرِيرٌ، عن قابوسِ بن أبى ظَبْيانَ، عن أبيه، عن ابن عباسٍ في قولِ اللهِ: ﴿وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا﴾. قال: هما الرجلان يَجْلِسان بينَ يَدَي القاضِى، فيكونُ لَيُّ القاضِي وإعراضُه لأحدِهما على الآخرِ (١).
وقال آخرون: معنى ذلك: ﴿وَإِنْ تَلْوُوا﴾، أيُّها الشهداءُ، في شهاداتِكم، فتُحَرِّفوها ولا تُقِيموها، ﴿أَوْ تُعْرِضُوا﴾ عنها فَتَتْرُكوها.
(١) أخرجه ابن أبي شيبة ٧/ ١١٨، وابن أبي حاتم في تفسيره ٤/ ١٠٨٩ (٦٠٩٨) وأبو نعيم في الحلية ١/ ٣٣٤ من طريق جرير به بنحوه، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٢٣٤ إلى أحمد في الزهد وابن المنذر.