قُلُوبُهُمْ﴾ قومٌ مِن المنافقين، وجائزٌ أن يكونَ كان ممَّن دخَل في هذه الآيةِ ابن صُورِيَا، وجائزٌ أن يَكونَ أبو لُبابةَ، وجائزٌ أن يَكونَ غيرُهما، غيرَ أنَّ أَثْبَتَ شيءٍ رُوى في ذلك ما ذكَرْناه مِن الروايةِ قبلُ عن أبي هريرةَ والبَرَاءِ بن عازبٍ؛ لأن ذلك عن رجلين من أصحابِ رسولِ اللَّهِ ﷺ. وإذا كان ذلك كذلك، كان الصحيحُ مِن القولِ فيه أن يُقالَ: عُنِى به عبدُ اللَّهِ بنُ صُورِيَا.
وإذا صحَّ ذلك كان تأويلُ الآيةِ: يا أيُّها الرسولُ لا يَحْزُنْك الذين يُسارِعون في جُحودِ نبوتِك، والتكذيبِ بك أنك لى نبيٌّ، من الذين قالوا: صدَّقْنا بك يا محمدُ أنك للَّهِ رسولٌ مبعوثٌ، وعلِمْنا بذلك يقينًا، بوجودِنا صفتَك في كتابِنا. وذلك أن في حديثِ أبى هريرةَ الذي رواه ابن إسحاقَ، عن الزهريِّ، أن ابنَ صُورِيَا قال لرسولِ اللَّهِ ﷺ: أمَا واللَّهِ يا أبا القاسمِ إنهم لَيَعْلَمون أنك نبيٌّ مُرسَلٌ، ولكنهم يَحْسُدونك. فذلك كان على هذا الخبرِ، كان (١) مِن ابن صُورِيا إيمانًا برسولِ اللَّهِ ﷺ بفِيه، ولم يكنْ مُصَدِّقًا لذلك بقلبِه، فقال اللَّهُ لنبيِّه محمدٍ ﷺ، مُطْلِعَه على ضميرِ ابن صُورِيَا، وأنه لم يُؤْمِنْ بقلبِه، يقولُ: ولم يُصَدِّقْ قلبُه بأنك للَّهِ رسولٌ مُرسَلٌ.
يقولُ جلَّ ثناؤُه لنبيِّه محمدٍ ﷺ: يا أيُّها الرسولُ لا يَحْزُنْك تَسَرُّعُ مَن تسَرَّع مِن هؤلاء المنافقين الذين يُظْهِرون بألسنتِهم تَصْديقَك وهم مُعْتَقِدون تكْذيبَك، إلى الكفرِ بك، ولا تَسَرُّعُ اليهودِ إلى جحودِ نبوتِك. ثم وصَف جلَّ وعزَّ له صفتَهم، ونعَتَهم له بتُعوتِهم الذُّميمةِ، وأفْعالِهم الرديئةِ، وأخْبَرَه مُعَزِّيًا له على ما يَنالُه مِن الحزنِ بتَكْذيبِهم إياه مع علمهم بصدْقِه، أنهم أهلُ استحلالٍ للحرامِ، والمآكلِ