للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْحِسَابُ (٤١)﴾.

وهذا دعاءٌ من إبراهيمَ صلواتُ اللهِ عليه لوالديه بالمغفرةِ، واستغفارٌ منه لهما، وقد أخْبَر اللهُ عزَّ ذكرُه أنه لم يَكُن ﴿اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأَوَّاهٌ حَلِيمٌ﴾ [التوبة: ١١٤].

وقد بيّنا وقتَ تبَرُّئِه منه فيما مضَى، بما أَغْنَى عن إعادتِه (١).

وقولُه: ﴿وَلِلْمُؤْمِنِينَ﴾. يقولُ: وللمؤمنين بك، ممن تبِعَنى على الدينِ الذي أنا عليه، فأطاعك في أمرِك ونهيِك.

وقولُه: ﴿يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ﴾. يعنى: يقومُ الناسُ للحسابِ، فاكْتَفَى بذكرِ الحسابِ مِن ذكرِ الناسِ، إذ كان مفهومًا معناه.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه لنبيِّه محمدٍ : ولا تَحْسَبَنَّ الله يا محمدُ ﴿غَافِلًا﴾، ساهيًا عما يَعْمَلُ هؤلاء المشركون من قومِك، بل هو عالمٌ بهم وبأعمالِهم، مُحْصِيها عليهم، ليَجْزِيَهم جزاءَهم في الحينِ (٢) الذي قد سبَق في علمِه أنه يَجْزِيهم فيه.

حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثنا عليُّ بنُ ثابتٍ، عن جعفرِ بن بُرْقَانَ، عن ميمونِ بن مِهْرانَ في قولِه: ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ


(١) ينظر ما تقدم في ١٢/ ٢٩.
(٢) في ص: "الحبر" وفى ف: "الخبر".