إسرائيلُ، عن سماكٍ، عن عكرمة، عن ابن عباسٍ مثل حديثِ الحارث بن عبد العزيز، غير أنه قال: وشهدوا للرسل أنهم قد بلَّغُوا (١).
فكأنَّ متأوِّلَ هذا التأويل قصد بتأويله هذا إلى معنى قول الله تعالى ذكرُه: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا﴾ [البقرة: ١٤٣]. فذهَب ابن عباسٍ إلى أن الشاهدين هم الشهداءُ في قوله: ﴿لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ﴾. وهم أمة محمدٍ ﷺ.
وإذا كان التأويلُ ذلك، كان معنى الكلام: يقولون ربَّنا آمنَّا فاكتبنا مع الشاهدين الذين يشهدون لأنبيائك يومَ القيامة أنهم قد بلَّغوا أممهم رسالاتك.
ولو قال قائلٌ: معنى ذلك: فاكتبنا مع الشاهدين الذين يشهدون أن ما أنزلته إلى رسولك من الكتاب حقٌّ. كان صوابًا؛ لأن ذلك خاتمةُ قوله: ﴿وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا﴾. وذلك صفةٌ من الله تعالى ذكرُه لهم بإيمانِهم، لما سمعوا من كتاب الله، فتكونُ مسألتُهم أيضًا الله أن يجعلهم ممن صحَّت عنده شهادتُهم بذلك، ويُلْحِقهم في الثواب والجزاءِ منازلهم.
ومعنى الكتاب في هذا الموضع الجَعْلُ، يقولُ: فَاجْعَلْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ، وأَثْبِتْنا معهم في عدادهم.