للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

منهم بها، وإن كان بَيَّنها (١) لهم من وجهِ الحُجّةِ عليهم ولزومِ العملِ لهم بها، وإنما أخرَجَها مِن أن تكونَ بيانًا لهم من وجهِ تركِهم الإقرارَ والتصديقَ به.

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا﴾.

يعني تعالى ذكرُه بذلك: وإذا طلَّقْتُم أيُّها الرجالُ نساءَكم، ﴿فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ﴾. يعني مِيقاتَهنَّ الذي وقَّتُّه لهنَّ؛ من انقضاءِ الأقراءِ الثلاثةِ إن كانت من أهلِ القُرْءِ (٢)، وانقضاءِ الأشهرِ إن كانت من أهلِ الشهورِ، ﴿فَأَمْسِكُوهُنَّ﴾. يقولُ: فراجِعُوهن إن أردْتُم رَجْعَتَهنَّ في الطَّلْقةِ التي فيها رَجْعةٌ، وذلك إمّا في التطليقةِ الواحدة أو التَّطليقتَيْن، كما قال تعالى ذكرُه: ﴿الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ﴾.

وأما قولُه: ﴿بِمَعْرُوفٍ﴾. فإنه عنَى: بما أَذِن به من الرَّجعةِ، مِن الإشهادِ على الرَّجعةِ قبلَ انقضاءِ العدةِ، دونَ الرَّجعةِ بالوطءِ والجماعِ؛ لأن ذلك إنما يجوزُ للرجلِ بعد الرَّجعةِ، وعلى الصُّحبةِ مع ذلك والعِشْرةِ بما أمَر اللَّهُ به وبَيَّنه لكم أيُّها الناسُ، ﴿أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ﴾. يقولُ: أو خَلُّوهُنَّ يَقْضِين تمامَ عِدَّتِهنَّ، ويَنْقَضِي بقيةُ أجلِهنَّ الذي أَجَّلْتُه لهنَّ لعِدَدِهنَّ، ﴿بِمَعْرُوفٍ﴾. يقولُ: بإيفائِهنَّ (٣) تمامَ حقوقِهنَّ عليكم، على ما أَلْزَمْتُكم لهنَّ مِن مَهْرٍ ومُتْعةٍ ونفَقةٍ وغيرِ ذلك من حقوقِهنَّ قِبَلَكم، ﴿وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا﴾. يقولُ: ولا تُراجِعُوهُنَّ (٤) إن راجَعْتُموهنَّ في


(١) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣: "بينا".
(٢) في م: "الأقراء".
(٣) في ص: "بايفاقهن"؛ وفي ت ١، ت ٢، ت ٣: "بإيقافهن".
(٤) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣: "تراجعون".