للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقولُه: ﴿قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ﴾. يقولُ جلّ ثناؤُه: قال القومُ الذين غلَبوا على أمرٍ أصحابِ الكهفِ: ﴿لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا﴾.

وقد اخْتُلِف [في قائلى هذه المقالةِ] (١)، أهم الرهطُ المسلمون، أم هم الكفارُ (٢)؟ وقد ذَكَرْنا بعضَ ذلك فيما مضَى (٣)، وسنذكُرُ إن شاء الله ما لم يَمْضِ منه.

حدَّثني محمدُ بنُ سعدٍ، قال: ثنى أبي، قال: ثنى عمي، قال: ثنى أبى، عن أبيه، عن ابن عباسٍ قولَه: ﴿قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا﴾. قال: يعنى عدوَّهم.

حدَّثنا ابن حميدٍ، قال: ثنا سلمةُ، عن عبدِ العزيزِ بن أبي روَّادٍ، عن عبدِ اللَّهِ بن عبيدِ بن عميرٍ، قال: عمَّى الله على الذين أعْثَرهم (٤) على أصحابِ الكهفِ مكانَهم فلم يَهْتَدوا، فقال المشركون: نَبْنى عليهم بُنيانًا، فإنَّهم أبناءُ آبائِنا، ونعبُدُ اللَّهَ فيها. وقال المسلمون: بل نحن أحقُّ بهم، هم منا، نَبْنى عليهم مسجِدًا نُصلِّى فيه، ونَعْبُدُ الله فيه.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ


(١) في ص: "قائل هذا القول".
(٢) قال ابن كثير في تفسيره ٥/ ١٤٣: والظاهر أن الذين قالوا ذلك هم أصحاب الكلمة والنفوذ، ولكن هل هم محمودون أم لا؟ فيه نظر؛ لأن النبي قال: "لعن الله اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد". يحذر ما فعلوا. وقد روينا عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب أنه لما وجد قبر دانيال في زمانه بالعراق، أمر أن يخفى عن الناس، وأن تدفن تلك الرقعة التي وجدوها عنده، فيها شيء من الملاحم وغيرها.
(٣) تقدم في ص ٢١١.
(٤) بعده في ص، ت ١، ت ٢، ف: "الله".