للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: ثنا بكرُ بنُ عبدِ اللهِ المُزَنيُّ، عن ابن عمرَ، قال: كُنَّا معشرَ أصحابِ النبيِّ ، لا نَشُكُّ في قاتلِ المؤمنِ (١)، وآكِلِ مالِ اليتيم، وشاهدِ الزورِ، وقاطعِ الرَّحِمِ، حتى نَزَلَت هذه الآيةُ: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ فأمسَكْنا عن الشهادِة (٢).

وقد أبانَت هذه الآيةُ أن كلَّ صاحبِ كبيرةٍ ففى مَشِيئةِ اللهِ، إن شاء عفا عنه ذنبه، وإن شاء عاقَبه عليه ما لم تكُنْ كبيرتُه (٣) شِرْكًا باللهِ .

القولُ في تأويلِ قولِه جلَّ ثناؤُه: ﴿وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا (٤٨)﴾.

قال أبو جعفرٍ : يعنى بذلك جلَّ ثناؤُه: ومَن يُشْرِكْ باللهِ في عبادتِه غيرَه مِن خَلْقِه، ﴿فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا﴾، يقولُ: فقد اختَلَق إثمًا عظيما، وإنما جعَله عز ذكرُه مُفْتَرِيًا؛ لأنه قال زُورًا وإفكًا بجُحودِه وحدانيةَ اللهِ، وإقرارِه بأن للهِ ﷿ شَريكًا مِن خلقِه أو (٤) صاحبةً أو ولدًا. فقائلُ ذلك مُفْتَرٍ، وكذلك كلُّ كاذبٍ فهو مُفْتَرٍ في كذبِه مُخْتَلِقٌ له.


(١) في ص، م: "النفس".
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٣/ ٩٧١ (٥٤٢٦) من طريق الهيثم، عن سلام بن أبي مطيع، عن بكر به. وذكره ابن كثير في تفسيره ٢/ ٢٩٠ عن ابن أبي حاتم، وقال: ورواه ابن جرير مِن حديث الهيثم به، فالله أعلم.
وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٣/ ٩٧١ (٥٤٢٧)، والطبراني في الأوسط في تفسيره (٣٠٢١) من طريق آخر عن بكر به. وأخرجه البزار (٣٢٥٤ - كشف)، وأبو يعلى (٥٨١٣)، وابن أبي حاتم في تفسيره ٣/ ٩٧٠ (٥٤٢١)، وابن عدى ٢/ ٨٢٥ من طريقين عن نافع، عن ابن عمرَ. وقال الهيثمي في المجمع ١٠/ ٢١١ رواه البزار، وإسناده جيد. وعزاه ابن كثير إلى ابن مردويه. وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ١٦٩ إلى ابن الضريس وابن المنذر، قال: بسند صحيح.
(٣) في م: "كبيرة".
(٤) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "و".