للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مَنْ يَشَاءُ وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ﴾: [كما لا يسمع مِن في القبورِ] (١)، كذلك الكافر لا يسمعُ ولا ينتفع بما يسمعُ (٢).

وقولُه: ﴿إِنْ أَنْتَ إِلَّا نَذِيرٌ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه لنبيِّه محمدٍ : ما أنت إلا نذيرٌ، تُنْذِرُ هؤلاء المشركين باللهِ، الذين طبَع اللهُ على قلوبِهم، ولم يُرْسِلك ربُّك إليهم إلا لتُبَلِّغ (٣) رسالتَه، ولم يُكلِّفْك مِن الأمرِ ما لا سبيلَ لك إليه، فأما اهتداؤُهم وقَبولُهم منك ما جئتَهم به، فإن ذلك بيدِ اللهِ لا بيدِك، ولا بيدِ غيرِك مِن الناسِ، فلا تَذهبْ نفسُك عليهم حَسَراتٍ، إن هم لم يَسْتَجيبوا لك.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ (٢٤) وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالزُّبُرِ وَبِالْكِتَابِ الْمُنِيرِ (٢٥) ثُمَّ أَخَذْتُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ (٢٦)﴾.

قال أبو جعفرٍ اللهُ: يقولُ تعالى ذكرُه لنبيِّه محمدٍ : ﴿إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ﴾ يا محمد ﴿بِالْحَقِّ﴾. [يعني: بالدِّينِ الحقِّ] (٤)، وهو الإيمانُ باللهِ، وشرائعِ الدينِ التي افترَضها على عبادِه، ﴿بَشِيرًا﴾. يقولُ: مُبَشِّرًا بالجنةِ مَن صدَّقك، وقَبل منك ما جئتَه (٥) به مِن عندِ اللهِ مِن النصيحةِ، ﴿وَنَذِيرًا﴾: تُنذِرُ النارَ (٦) مَن كذَّبك ورَدَّ عليك ما جئتَه (٥) به مِن عندِ اللَّهِ مِن النصيحةِ؛ ﴿وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ


(١) سقط من: م، ت ١.
(٢) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ٢٤٩ إلى المصنف وعبد بن حميد وابن أبي حاتم.
(٣) في م، ت ١: "لتبلغهم".
(٤) سقط من: م.
(٥) في م، ت ١: "جئت".
(٦) في م: "الناس".