للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

للحقِّ، ويفضِّله على كثير من خلقه، ﴿وَمَا كَانَ لَنَا أَن نَّأْتِيَكُم بِسُلْطَانٍ﴾. يقولُ: وما كان لنا أن نأتيكم بحجة وبرهان على ما ندعوكم إليه، ﴿إلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ﴾. يقولُ: إلا بأمر الله لنا بذلك، ﴿وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾. يقولُ: وبالله فلْيثِقْ به مَن آمن به وأطاعه، فإنا به نثِقُ، وعليه نتوكلُ.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهد قولَه: ﴿فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ﴾. قال: السلطان المبينُ: البرهان والبيِّنةُ، وقوله: ﴿مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا﴾ [آل عمران: ١٥١]. قال: بينةً وبرهانًا (١).

القول في تأويل قوله تعالى: ﴿وَمَا لَنَا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ (١٢)﴾.

يقولُ تعالى ذكره مخبرًا عن قيل الرسل لأممِها: ﴿وَمَا لَنَا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ﴾، فنثقَ به وبكفايته ودفاعه إياكم عنا، ﴿وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا﴾. يقولُ: وقد بصَّرنا طريق النجاة من عذابِه، فبيَّن لنا، ﴿وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا﴾ في، الله، وعلى ما نلقَى منكم من المكروه فيه، بسبب دعائنا إليكم إلى ما ندعوكم إليه، من البراءة من الأوثان والأصنام، وإخلاص العبادة له، ﴿وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ﴾. يقولُ: وعلى الله فليتوكلْ من كان به واثقًا من خلقه، فأما من كان به كافرًا، فإنّ وليَّه الشيطانُ.

القول في تأويل قوله تعالى: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ (١٣) وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ


(١) تقدم تخريجه ٧/ ٦١٩.