للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدَّثني محمدُ بنُ عثمانَ الواسطيُّ، قال: ثنا حفصُ بنُ عمرَ (١)، قال: ثنا محمدُ بنُ مسلمٍ الطائفيُّ، قال: ثنى عثمانُ بنُ عبدِ اللهِ بن أوسٍ، عن عمرِو بنِ أوسٍ مثلَه.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ وَالْمُقِيمِي الصَّلَاةِ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (٣٥)﴾.

فهذا من نعتِ ﴿الْمُخْبِتِينَ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه لنبيِّه محمدٍ : وبشِّرْ يا محمدُ المخبتين الذين تَخشَعُ قلوبُهم لذكرِ اللهِ، وتخضَعُ (٢) مِن خشيتِه وَجَلًا مِن عقابِه، وخوفًا مِن سخَطِه.

كما حدَّثني يونسُ، قال: أخبَرنا ابنُ وهبٍ، قال: قال ابنُ زيدٍ في قولِه: ﴿الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ﴾. قال: لا تَقسُو قلوبُهم، ﴿وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ﴾. فمن شدةٍ فى أمرِ اللهِ، ونالهم مِن مكروهٍ في جَنبِه، ﴿وَالْمُقِيمِي الصَّلَاةِ﴾ المفروضةِ ﴿وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ﴾ من الأموالِ ﴿يُنْفِقُونَ﴾ فى الواجبِ عليهم إنفاقُها فيه، فى زكاةٍ، ونَفَقَةِ عيالٍ، ومَن وَجَبَت عليه نفقتُه، وفى سبيلِ اللهِ.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٣٦)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: ﴿وَالْبُدْنَ﴾. وهي جمعُ بَدَنةٍ، وقد يقالُ لواحدِها: بُدُنٌ. وإذا قيل: بُدُنٌ. احتَمل أن يكونَ جمعًا وواحدًا، يدلُّ على أنه قد يقالُ ذلك


(١) في ت ٢: "عمرو". وينظر تهذيب الكمال ٧/ ٢٦.
(٢) في ت ٢: "تخشع".