للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

للواحدِ قولُ الراجزِ (١):

* عليَّ حينَ تَملِكُ الأُمُورا *

* صومَ شُهُورٍ وَجَبَتْ نُذُورَا *

* وحَلقُ رَأْسِي وافيًا مضفُورَا *

* وبُدُنَا مُدَرَّعًا مَوفُورَا *

والبدنُ هو الضَّخمُ مِن كلِّ شيءٍ، ولذلك قيل لامرِئ القيسِ بنِ النُّعمانِ صاحبِ الخَوَرنقِ (٢) والسَّدير (٣): البُدُنُ. لضِخَمِه واسترخاءِ لحمِه، فإنه يقالُ: قد بَدَّنَ تَبدِينًا.

فمعنى الكلامِ والإبلَ العِظامَ الأجسامِ الضِّخامِ جَعَلناها لكم أيُّها الناسُ ﴿مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ﴾. يقولُ: مِن أعلامِ أمرِ اللهِ الذي أمَركم به في مناسكِ حجِّكم، إذا قلَّدتُموها وجَلَّلْتُموها وأشعرتُموها، عُلِم بذلك وشُعِرَ أنكم فعَلتم ذلك؛ مِن الإبلِ والبقرِ.

كما حدَّثنا ابنُ بشارٍ، قال: ثنا يحيى، عن ابن جريجٍ، قال: قال عطاءً: ﴿وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ﴾. قال: البقرةَ والبعيرَ (٤).

وقولُه: ﴿لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ﴾. يقولُ: لكم في البُدنِ خيرٌ. وذلك الخيرُ هو الأجرُ فى الآخرةِ بنَحرِها والصدقةِ بها، وفى الدنيا الركوبُ إذا احتاجَ إلى رُكُوبِها.


(١) التبيان ٧/ ٢٨٢.
(٢) الخورنق: موضع الشرب، وهى بنية بناها النعمان لبعض أولاد الأكاسرة. المعرب للجواليقى ص ١٧٤.
(٣) موضع معروف بالحيرة اتخذه المنذر الأكبر لبعض ملوك العجم، وقيل: نهر. ينظر المعرب للجواليقى ص ٢٣٥، ٢٣٦.
(٤) أخرجه ابن أبي شيبة ص ٣٦٦ (القسم الأول من الجزء الرابع) من طريق ابن جريج به، وعزاه السيوطى في الدر المنثور ٤/ ٣٦١ إلى عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم.