للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن اللَّهَ كافيك مَن ناصَبك وآذاك، كما كفاك المستهزِئين. وكان رؤساءُ المستهزِئين قومًا مِن قريشٍ معروفين.

ذكرُ أسمائِهم

حدَّثنا ابن حميدٍ، قال: ثنا سَلَمةُ، قال: ثنى محمدٌ، قال: كان عظماءُ المستهزِئين، كما حدَّثني يزيدُ بنُ رومانَ، عن عروةَ بن الزُّبيرِ، خمسةَ نفرٍ من قومِه، وكانوا ذوِى أسنانٍ (١) وشرفٍ في قومِهم؛ مِن بني أسدِ بن عبدِ العُزَّى بن قُصَيٍّ: الأسودُ بنُ المطلبِ أبو زمْعَةَ - وكان رسولُ اللَّهُ فيما بلَغني قد دعا عليه؛ لِما كان يَبْلُغُه مِن أذاه واستهزائِه، فقال: "اللهمَّ أعْمِ بصرَه، وأثْكِلْه ولدَه" - ومن بني زُهرةَ: الأسودُ بنُ عبدِ يَغُوثَ بن وهَبِ بن عبدِ منافِ بن زُهرةَ، ومِن بني مخزومٍ: الوليدُ بنُ المغيرةِ بن عبدِ اللَّهِ [بن عمرَ] (٢) بن مخزومٍ، ومن بني سَهمِ بن عمرِو بن هُصَيصِ بن كعبِ بن لؤىٍّ: العاصُ بنُ وائلِ بن هشامِ بن سُعَيدِ (٣) بن سَهْمٍ، ومن خُزَاعةَ: الحارثُ بنُ الطُّلاطِلة بن عمرِو بن الحارثِ بن عبدِ (٤) عمرِو بن مَلْكان، فلما تمادَوْا في الشرِّ، وأكثَروا برسولِ اللَّهِ الاستهزاءَ، أنزَل اللَّهُ تعالى ذكرُه: ﴿فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ (٩٤) إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ﴾. إلى قولِه: ﴿فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ﴾. قال محمدُ بنُ إسحاقَ: فحدَّثني يزيدُ بن رُومانَ، عن عُرُوةَ بن الزبيرِ، أو غيرِه مِن العلماءِ، أن جبريلَ أتى رسولَ اللَّهِ وهم يَطُوفون بالبيتِ، فقام وقام رسولُ اللَّهِ إلى جنبِه، فمرَّ به الأسودُ بنُ المطلبِ، فرمَى في وجهِه بورقةٍ خضراءَ فعَمِى ومرَّ به الأسودُ بنُ عبدِ يَغُوثَ، فأشَار إلى بطنِه، فاسْتَسْقَى


(١) ذوو الأسنان: الأكابر والأشراف. ينظر النهاية ٢/ ٤١٣.
(٢) سقط من: م.
(٣) بعده في النسخ: "بن سعد". والمثبت موافق لما في سيرة ابن هشام، وينظر جمهرة أنساب العرب ص ١٦٣.
(٤) سقط من: م، ت ١، وفى ص، ت ٢، ف: "عبد بن". والمثبت من سيرة ابن هشام.