للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حُدِّثْتُ عن الحسينِ بنِ الفرجِ، قال: سمِعْتُ أبا مُعاذٍ، قال: ثنا عبيدُ بنُ سليمانَ، قال: سمِعْتُ الضحاكَ بنَ مُزاحم يقولُ في قوله: ﴿فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ﴾. يقولُ: نكِّلْ بهم مِن بعدَهم (١).

حدَّثني يونُسُ، قال: أخبَرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قولِ اللَّهِ: ﴿فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ﴾. قال: أخِفْهم بما تَصْنَعُ بهؤلاء. وقرَأ: ﴿وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ﴾ [الأنفال: ٦٠].

وأما قوله: ﴿لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ﴾. فإن معناه: كي يَتَّعِظوا بما فعَلْتَ بهؤلاء الذين وصَفْتُ صفتَهم، فيَحْذَروا نقضَ العهدِ الذي بينَك وبينَهم؛ خوفَ أَن يَنْزِلَ منك ما نزَل بهؤلاء إذا هم نقَضوه.

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ (٥٨)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: وإما تخافنَّ يا محمدُ مِن عدوٍّ لك، بينَك وبينَه عهدٌ وعقدٌ، أَن يَنْكُثَ عهدَه ويَنْقُضَ عقدَه ويَغْدِرَ بك، وذلك هو الخيانةُ والغدرُ، ﴿فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ﴾. يقولُ: فناجِزْهم بالحربِ، وأعْلِمْهم قبلَ (٢) حربِك إياهم أنك قد فسَخْتَ (٣) العهدَ بينَك وبينَهم بما كان منهم؛ مِن ظهورِ أمارِ (٤) الغدرِ والخيانةِ منهم، حتى تَصِيرَ أنت وهم على سَواءٍ في (٥) العلمِ بأنك لهم محاربٌ، فيَأْخُذوا للحربِ آلتَها، وتَبْرَأَ مِن الغدرِ. ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ﴾: الغادرين


(١) ذكره ابن أبي حاتم في تفسيره ٥/ ١٧٢٠ معلقا، وابن كثير في تفسيره ٤/ ٢٢.
(٢) في ص، ت ١، ت ٢، س، ف: "مثل".
(٣) في ت ١، ت ٢، س: "نسخت".
(٤) في م، ف: "آثار". وأمار: قيل: هي العلامة. وقيل: جمع أمارة، وهى العلامة أيضًا. ينظر التاج (أ م ر).
(٥) في ص، ت ١، ت ٢، س، ف: "من".