للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَلِيمٌ﴾. يقولُ: ولهم عذابٌ مُوجِعٌ يومَ القيامةِ في نارِ جهنمَ، مع الذين أذاقهم اللَّهُ في الدنيا وبالَ كفرِهم.

وقولُه: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُ كَانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ﴾. يقولُ جلَّ ثناؤُه: هذا الذي نال (١) الذين كفَروا من قبلِ (*) هؤلاء المشركين مِن وَبالِ كفرِهم، والذي أعَدَّ لهم ربُّهم يوم القيامةِ مِن العذابِ - مِن أجلِ أنه كانت تَأْتيهم رسلُهم بالبيناتِ، الذين أرْسَلَهم إليهم ربُّهم بالواضحاتِ مِن الأدلةِ والأعلامِ على حقيقةِ ما يَدْعُونهم إليه، فقالوا لهم: ﴿أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا﴾؟! اسْتِكْبارًا منهم أن تكونَ رسلُ اللَّهِ إليهم بشرًا مثلَهم، واستكبارًا عن اتباعِ الحقِّ، من أجلِ أن بشرًا مثلَهم دعاهم إليه. وجمَع الخبرَ عن البشرِ، فقيل: ﴿يَهْدُونَنَا﴾. ولم يُقَلْ: يَهْدِينا. لأن البشرَ وإن كان في لفظِ الواحدِ، فإنه بمعنى الجميعِ.

وقولُه: ﴿فَكَفَرُوا وَتَوَلَّوا﴾. يقولُ: فكفَروا باللَّهِ، وجحَدوا رسالةَ رسلِه الذين بعَثهم اللَّهُ إليه استكبارًا، ﴿وَتَوَلَّوْا﴾. يقولُ: وأدْبَروا عن الحقِّ فلم يَقْبَلوه، وأعْرَضوا عما دعاهم إليه رسلُهم، ﴿وَاسْتَغْنَى اللَّهُ﴾. يقول: واسْتَغْنَى اللَّهُ عنهم، وعن إيمانِهم به وبرسلِه، ولم تَكُنْ به إلى ذلك منهم حاجةٌ، ﴿وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ﴾. يقولُ: واللَّهُ غنيٌّ عن جميعِ خلقِه، محمودٌ عندَ جميعِهم بجميلِ أياديه عندَهم، وكريمِ فِعالِه فيهم.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (٧)﴾.


(١) في ص، ت ٢، ت ٣: "قال".
(*) من هنا يبدأ خرم في نسخة جامعة القرويين المشار إليها بالأصل ينتهي ص ٢٢.