للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدَّثني يحيى بنُ أبى طالبٍ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا جُوَيبرٌ، عن الضحاكِ: ﴿رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ﴾. قال: رِيحٌ فيها بَرْدٌ (١).

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (١١٧)﴾.

يَعْنى بذلك جلّ ثناؤه: وما فعَل اللهُ بهؤلاء الكفارِ ما فعَل بهم، مِن إحباطِه ثوابَ أعمالهم وإبطالِه أجورَها؛ ظُلْمًا منه لهم، يعنى: وَضْعًا منه لِما فعَل بهم من ذلك في غيرِ مَوْضِعِه، وعند غيرِ أهلِه، بل وَضَع فعله ذلك في مَوْضِعِه، وفعَل بهم ما هم أهلُه؛ لأن عَمَلَهم الذي عَمِلوه لم يكنْ للهِ وهم له بالوحدانيةِ دائِنون، ولأمرِه مُتَّبِعون، ولرسلِه مُصَدِّقون، بل كان ذلك منهم وهم به مشركون، ولأمرِه مخالِفون، ولرسلِه مُكذِّبون، بعدَ تَقَدُّم منه إليهم أنه لا يَقْبَلُ عملًا مِن عاملٍ، إلا مع إخلاصِ التوحيدِ له، والإقرار بنُبوّةِ أنبيائِه، وتصديقِ ما جاءوهم به، وتوكيدِه الحُجَجَ بذلك عليهم، فلم يكنْ بفعلِه ما فعل بمَن كفَر به، وخالَف أمرَه في ذلك، بعدَ الإعذارِ إليه، مِن إحباطِ أجرِ (٢) عملِه، له ظالمًا، بل الكافرُ (٣) هو الظالمُ نفِسه، لإكسابِها مِن معصيةِ اللهِ، وخلافِ أمرِه، ما أورَدها به نارَ جهنَم، وأصلَاها به سعيرَ سَقَرَ.

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَاعَنِتُّمْ﴾.

يَعْنى بذلك جل ذكرُه: يا أيها الذين صَدَّقوا اللَّهَ ورسولَه، وأقرُّوا بما جاءهم به بَبِيَّهم مِن عندِ ربِّهم، ﴿لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً﴾. يقولُ: لا تتخذوا أولياءَ وأصدقاءَ


(١) ذكره ابن أبي حاتم في تفسيره ٣/ ٧٤١ عقب الأثر (٤٠٢٥) معلقًا.
(٢) في ص: "وفر"، وفى م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "وافر".
(٣) بعده في الأصل: "و".