للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المالُ، يريدُ أن يكاتَبَ، ألَّا يكاتبَه.

وقال آخرون: ذلك غيرُ واجبٍ على السيدِ، وإنما قولُه: ﴿فَكَاتِبُوهُمْ﴾ نَدْبٌ من اللهِ سادةَ العبيدِ إلى كتابةِ من علِم فيه منهم خيرًا، لا إيجابٌ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني يونسُ، قال: أخبَرنا ابن وهبٍ، قال: قال مالكُ بنُ أنسٍ: الأمرُ عندَنا أن ليس على سيِّدِ العبدِ أن يكاتبَه إذا سأله ذلك، ولم أسمَعْ بأحدٍ من الأئمةِ أكرَه أحدًا على أن يكاتِبَ عبدَه، وقد سمِعتُ بعضَ أهلِ العلمِ إذا سُئِل عن ذلك، فقيل له: إنَّ الله يقولُ في كتابه: ﴿فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا﴾ - يتلو هاتين الآيتين: ﴿وَإِذَا (١) حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا﴾ [المائدة: ٢]. ﴿فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ﴾ [الجمعة: ١٠]. قال مالكٌ: فإنَّما ذلك أمرٌ أذِن اللهُ فيه للناسِ، وليس بواجبٍ على الناسِ، ولا يلزمُ أحدًا (٢).

وقال الثوريُّ: إذا أراد العبدُ من سيِّدِه أن يكاتبَه، فإن شاءَ السيِّدُ أن يكاتبَه كاتبَه، ولا يُجْبَرُ السيدُ على ذلك.

حدَّثني بذلك عليٌّ، عن زيدٍ، عنه (٣).

وحدَّثني يونسُ، قال: أخبَرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قولِه: ﴿فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا﴾. قال: ليس بواجبٍ عليه أن يكاتبَه، إنَّما هذا أمرٌ أذِن اللهُ فيه ودليلٌ (٣).


(١) في النسخ: "فإذا".
(٢) الموطأ ٢/ ٧٨٨.
(٣) ينظر تفسير ابن كثير ٦/ ٥٦.