للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدَّثنا ابنُ حميدٍ، قال: ثنا هارونُ، عن عبدِ اللَّهِ بنِ عثمانَ، عن يوسفَ بنِ مَاهَكَ، قال: حَجَجْتُ مع ابنِ عمرَ، فلما أصبَح بجَمْعٍ صلَّى الصُّبْحَ، ثم غدَا وغدَونا معه حتى وقَف مع الإمامِ على قُزَحَ، ثم دفَع الإمامُ، فدفَع بدَفْعتِه.

وأمَّا قولُ عبدِ اللَّهِ بنِ عمرٍو (١) حينَ صار بالمُزْدَلفةِ: هذا كلُّه مشاعِرُ إلى مكةَ. فإن معناه أنها معالِمُ من معالِمِ الحَجِّ، يُنْسَكُ في كلِّ بقعةٍ منها بعضُ مناسكِ الحَجِّ، لا أن كلَّ ذلك المشعَرُ الحرامُ الذي يكونُ الواقفُ حيثُ وقَف منه إلى بطنِ مكةَ قاضِيًا ما عليه من الوقوفِ بالمشعَرِ الحرامِ من جَمْعٍ.

وأما قولُ عبدِ الرحمنِ بنِ الأسودِ: لم أجِدْ أحدًا يُخبِرُني عن المشعَرِ الحرامِ. فإنه يَحتملُ أن يكونَ أراد: لم أجِدْ أحدًا يُخبِرُني عن حدِّ أوّلِه ومُنْتَهَى آخِرِه على حقِّه وصِدْقِه؛ لأن حدودَ ذلك على صحتِها حتى لا يكونَ فيها زيادةٌ ولا نقصانٌ لا يحيطُ بها إلا القليلُ من أهلِ المعرفةِ بها، غيرَ أن ذلك وإن لم يقِفْ على حَدِّ أوّلِه ومُنْتَهَى آخرِه وقوفًا لا زيادةَ فيه ولا نقصانَ إلا مَن ذكرتُ، فموضِعُ الحاجةِ للوقوفِ لا خفاءَ به على كبيرِ (٢) أحدٍ من سكانِ تلك الناحيةِ وكثيرٍ مِن غيرِهم، وكذلك سائرُ مشاعرِ الحَجِّ والأماكنِ التي فرَض اللَّهُ على عبادِه أن يَنْسُكوا عندَها كعرفاتٍ ومِنًى والحَرَمِ.

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ (١٩٨)﴾.

يعني جلَّ ثناؤُه بذلك: واذكُروا اللَّهَ أيُّها المؤمنون عندَ المشعرِ الحرامِ بالثناءِ عليه، والشكرِ له على أياديه عندَكم، وليكنْ ذكرُكم إياه بالخضوعِ لأمرِه، والطاعةِ


(١) في م: "عمر". وينظر ما تقدم في ص ٥١٨.
(٢) سقط من: م