للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هلهنا. قال: وكذلك: ﴿إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ﴾، العدد كلُّه يُفَسَّرُ به، فيقال: رأيتُ قومًا أربعةً. فلما جاء باثنين، وقد اكتُفى بالعددِ منه؛ لأنهم يقولون: عندى درهمٌ، ودرهمان. فيَكْفِي مِن قولِهم: عندى درهمٌ واحدٌ، ودرهمان اثنان. فإذا قالوا: دراهمُ. قالوا: ثلاثةٌ. لأن الجمعَ يلتبسُ، والواحدُ والاثنان لا يَلْتَيسان. [ثم بنى] (١) الواحدَ والتثنيةَ على [بناءٍ في] (٢) الجمعِ؛ لأنه ينبغى أن يكونَ مع كلِّ واحدٍ واحدٌ؛ لأن درهمًا يدلُّ على الجنسِ الذى هو منه، وواحدٌ يدلُّ على كلِّ الأجناسِ. وكذلك اثنان يدلان على كلِّ الأجناسِ، ودرهمان يدلَّان على أنفسِهما، فلذلك جاء بالأعدادِ؛ لأنه الأصلُ.

وقولُه: ﴿أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ﴾. يقولُ جل ثناؤُه لنبيِّه محمدٍ : إنه لن يُصدِّقَك يا محمدُ ولن يَتَّبِعَك ويُقِرَّ بما جئتَ به إِلا مَن شَاء رَبُّكَ أن يُصدِّقَك، لا يإكْراهِك إياه، ولا بحرصِك على ذلك، ﴿أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ﴾ لك، مُصَدِّقين على ما جئتَهم به مِن عندِ ربِّك؟ يقولُ له جلّ ثناؤُه: فاصْدَعْ بما تُؤْمَرُ، وأعْرِضُ عن المشركين الذين حَقَّتْ عليهم كلمةُ رَبِّك أنهم لا يُؤْمِنُون.

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ (١٠٠)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه لنبيِّه: وما كان لنفسٍ خلقتُها مِن سبيلٍ إلى تَصْديقك يا محمدُ إلا بأن آذَنَ لها في ذلك، فلا تُجْهِدنَّ نفسَك في طلبِ هُداها، وبَلِّغْها


(١) فى م: "لم يثن".
(٢) فى م: "ثنافى"، وفى ف، ت ١، س: "تنافى"، وفى ص غير منقوطة. والكلام في هذا الموضع غير مفهوم، فكأن ههنا سقطا.