للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ (١٧٢) وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ (١٧٣) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (١٧٤) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (١٧٥)﴾.

يقولُ (١) تعالى ذكرُه: ثم أهلَكْنا الآخَرِين مِن قومِ لوطٍ بالتَّدْمِيرِ،

﴿وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا﴾. وذلك إرسالُ اللهِ عليهم حجارةً من سجِّيلٍ من السماءِ، ﴿فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ﴾. يقولُ: فبئسَ ذلك المطرُ مطرُ القومِ الذين أنذَرهم نبيُّهم فكذَّبوه،

﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: إن في إهْلاكِنا قومَ لوطٍ الهلاكَ الذي وصَفْنا؛ بتَكْذيبِهم رسولَنا، لعبرةً وعظةً (٢) لقومِك يا محمدُ، يَتَّعِظون بها في تَكْذيبِهم إيَّاك، وردِّهم عليك ما جئتَهم به من عندِ ربِّك من الحقِّ، ﴿وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ سابقِ علمِ اللهِ،

﴿وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ﴾ بمَنْ آمَن به.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ (١٧٦) إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلَا تَتَّقُونَ (١٧٧) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (١٧٨) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (١٧٩)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: ﴿كَذَّبَ أَصْحَابُ [الْأَيْكَةِ﴾. والأَيْكَةُ] (٣): الشَّجَرُ المُلتَفُّ، وهى واحدةُ الأَيْكِ، وكلُّ شَجَرٍ مُلْتَفٍّ فهو عندَ العربِ أَيْكَةٌ، ومنه قولُ نابغةِ بني ذُبْيانَ (٤):

تَجْلُو بِقادِمَتَىْ حَمَامَةِ أَيْكَةٍ … بَرَدًا أُسِفَّ لِثَاتُه بالإثْمِدِ

وأصحابُ الأيْكةِ هم أهلُ مَدْيَنَ فيما ذُكِر.


(١) في ص، ت ٢: "يعني".
(٢) في م، ت ١: "موعظة".
(٣) في ص، ت ١، ت ٢، ف: "الغيطة و".
(٤) ديوانه ص ٣٦.