للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقول تعالى ذكره تَهَدُّدًا (١) للمشركين الذين أخبر جل ثناؤُه عنهم أنهم كانوا إذا فعلوا فاحشةً قالوا: ﴿وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا﴾. ووعيدًا منه لهم على كذبهم عليه، وعلى إصرارهم على الشرك به، والمُقام على كفرهم، ومُذَكِّرًا لهم ما أحلَّ (٢) بأمثالهم من الأم الذين كانوا قبلهم: ﴿وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ﴾. يقول: ولكلِّ جماعةٍ اجتمعت على تكذيب رسل الله وردِّ نصائحهم (٣) والشرك بالله مع متابعة ربِّهم حُجَجَه عليهم ﴿أَجَلٌ﴾ يعنى: وقتٌ لحلول العقوبات بساحتهم، ونزول المثُلات بهم على شركهم، ﴿فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ﴾. يقولُ: فإذا جاء الوقتُ الذي وقَّته الله لهلاكهم، وحلول العقاب بهم، ﴿لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ﴾. يقول: لا يتأخرون بالبقاء في الدنيا، ولا يُمَتَّعون بالحياة فىها عن وقتِ هلاكهم وحين حلول أجل فنائهم (٤) ساعةً من ساعاتِ الزمانِ، ﴿وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ﴾. يقول: ولا يتقدَّمون بذلك أيضًا عن الوقتِ الذي جعله الله لهم وقتًا للهلاكِ.

القولُ في تأويل قوله: ﴿يَا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (٣٥)﴾.

يقول تعالى ذكره معرِّفًا خلقه ما أعدَّ لحزبه وأهل طاعته والإيمان به وبرسله، وما أعدَّ لحزب الشيطان وأوليائه والكافرين به وبرسله: ﴿يَا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ﴾. يقول: إن يَجِئكم رسلى الذين أُرسلُهم إليكم بدعائكم إلى طاعتي، والانتهاء إلى أمرى ونهيى، ﴿مِنْكُمْ﴾. يعنى: من أنفسكم، ومن عشائركم وقبائلكم، ﴿يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي﴾. يقول: يَتلون عليكم آيات كتابى،


(١) في م: "مهددا".
(٢) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "حل".
(٣) بعده في ص ت ١ ت ٢ ت ٣ س ف: "ذلك".
(٤) في ت ١، ت ٢، ت ٣، ف: "قيامهم".