للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويُظْهِرَها على من ناوَأَها، إنها كلمةٌ من خاصَم بها فَلَج، ومن قاتَل بها نُصِر، إنما يَعرِفُها أهلُ هذه الجزيرةِ من المسلمين، التي يَقْطَعُها الراكبُ في ليالٍ قلائلَ، ويسيرُ الدهرَ في فِئام من الناسِ لا يَعرِفُونها ولا يُقِرُّون بها (١).

حدَّثني يونسُ، قال: أخبَرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قولِه: ﴿وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُورًا﴾. قال: بغضًا لما تكلَّم به، لئلا يسمَعوه، كما كان قومُ نوحٍ يجعَلون أصابعَهم في آذانِهم لئلا يسمَعوا ما يأمرُهم به من الاستغفارِ والتوبةِ، ويَسْتغشُون ثيابَهم. قال: يَلْتَفُّون بثيابِهم، ويجعَلون أصابعَهم في آذانِهم لئلا يسمَعوا ولا يُنظر إليهم (٢).

وقال آخرون: إنما عُنِى بقوله: ﴿وَلَّوْا عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُورًا﴾. الشياطينُ، وإنها تَهرُبُ من قراءةِ القرآنِ وذكرِ اللَّهِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني الحسينُ بنُ محمدٍ الذَّارعُ، قال: ثنا روحُ بنُ المسيبِ أبو رجاءٍ الكُليبيُّ (٣)، قال: ثنا عمرُو بنُ مالكٍ، عن أبي الجوزاءِ، عن ابن عباسٍ في قولِه: ﴿وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُورًا﴾: هم الشياطينُ (٤).

والقولُ الذي قلنا في ذلك أشبهُ بما دلَّ عليه ظاهرُ التنزيلِ، وذلك أن اللَّهَ تعالى


(١) ذكره ابن كثير في تفسيره ٥/ ٨٠ عن قتادة.
(٢) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ١٨٧ إلى المصنف وابن أبي حاتم.
(٣) في النسخ: "الكلبي". وهو تصحيف. والمثبت من التاريخ الكبير ٣/ ٣٠٩، والجرح والتعديل ٣/ ٤٩٦، والأنساب ٥/ ٩١.
(٤) أخرجه الطبراني (١٢٨٠٢) من طريق روح بن المسيب به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ١٨٧ إلى ابن أبي حاتم وابن مردويه، نقله ابن كثيرٍ في تفسيره ٥/ ٨٠ عن المصنف.