للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بهم (١) العذابُ. قال اللَّهُ ﷿: ﴿وَتَرَكْنَا فِيهَا آيَةً لِلَّذِينَ يَخَافُونَ الْعَذَابَ الْأَلِيمَ﴾ [الذاريات: ٣٧]. وقال: ﴿فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ وَجَاءَتْهُ الْبُشْرَى يُجَادِلُنَا﴾ (٢).

والعربُ لا تكادُ تتَلقَّى "لمَّا"، إذا وَلِيها فعلٌ ماضٍ، إلا بماضٍ، يقولون: لمَّا قامَ قُمتُ. ولا يكادون يقولون: لمَّا قامَ أقومُ. وقد يجوزُ فيما كان من الفعلِ له تَطاوُلٌ، مثلَ الجدالِ والخصومةِ والقتالِ، فيقولون في ذلك: لمَّا لَقِيتُه أقاتِلُه. بمعنى: قاتلتُه (٣).

وقولُه: ﴿إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: إن إبراهيمَ لبَطِيءُ الغضبِ، متذلِّلٌ لربِّه، خاشعٌ له، مُنقادٌ لأمرِه، ﴿مُنِيبٌ﴾ رَجَّاعٌ إلى طاعتِه.

كما حدَّثني الحارثُ، قال: ثنا عبدُ العزيزِ، قال: ثنا إسرائيلُ، عن أبي يحيى، عن مجاهدٍ: ﴿أَوَّاهٌ مُنِيبٌ﴾. قال: القانِتُ الرجَّاعُ.

وقد بيَّنَّا معنى الأوَّاهِ فيما مضَى، باختلافِ المختلفِين، والشواهدَ على الصحيحِ منه عندَنا من القولِ بما أغنَى عن إعادتِه (٤).

القولُ في تأويلِ قولِه ﷿: ﴿يَاإِبْرَاهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا إِنَّهُ قَدْ جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذَابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ (٧٦)﴾.


(١) بعده في ص، م، ف: "من".
(٢) أخرجه ابن عساكر في تاريخه ١٤/ ٦٣٥ (مخطوط) من طريق أبي المغيرة به حتى قوله: "ابنتيه".
(٣) في ص، م، ت ١، ت ٢، س، ف: "جعلت أقاتله".
(٤) ينظر ما تقدم في ٣٣ - ٤٦.