للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بَصِيرٌ﴾: في مكاتبةِ حاطبِ بنِ أبي بلتعةَ ومَن معه كفارَ قريشٍ يُحَذِّرُونهم (١).

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ﴾. حتى بلَغ: ﴿سَوَاءَ السَّبِيلِ﴾: ذُكِر لنا أن حاطبًا كتَب إلى أهلِ مكةَ يُخْبِرُهم [سَيرورةَ نبيِّ اللَّهِ] (٢) إليهم زمنَ الحديبيةِ، فأطلَع اللَّهُ ﷿ نبيَّه على ذلك. وذُكِر لنا أنهم وجَدوا الكتابَ مع امرأةٍ في قرنٍ من رأسِها، فدعاه نبيُّ اللَّهِ ، فقال: "ما حمَلك على الذي صنَعتَ؟ ". قال: واللَّهِ ما شكَكتُ في أمرِ اللَّهِ، ولا ارتدَدتُ فيه، ولكنَّ لي هناك (٣) أهلًا ومالًا، فأردتُ مصانعةَ قريشٍ على أهلي ومالي. وذكِر لنا أنه كان حليفًا لقريشٍ، لم يَكُنْ من أنفسِهم، فأنزَل اللَّهُ ﷿ في ذلك القرآنَ، فقال: ﴿إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ﴾ (٤).

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ (٢) لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحَامُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (٣)

يقولُ تعالى ذكرُه: إن يَثقَفْكُم هؤلاء الذين تُسِرُّون أيُّها المؤمنون إليهم بالمودةِ، يكونوا لكم حربًا وأعداءً، ويَبْسُطوا إليكم أيديَهم بالقتالِ، وألسِنَتَهم بالسوءِ.


(١) سقط من: ت ٢، ت ٣، وفي م: "يحذرهم".
والأثر عزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ٢٠٥ إلى عبد بن حميد.
(٢) في م: "سير النبي".
(٣) في ص، ت ٣: "هنالك".
(٤) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ٢٠٤ إلى عبد بن حميد، والحديث أخرجه ابن مردويه -كما في الفتح ٨/ ٦٣٦ - من طريق سعيد بن بشير، عن قتادة، عن أنس.