للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذكرُ مَن قال ذلك، وذكرُ سبب مُغاضَبتِه ربَّه في قولِهم

حدَّثنا ابن حميدٍ، قال: ثنا سلمةُ، عن ابن إسحاقَ، عن يزيدَ بن زيادٍ، عن عبدِ اللهِ بن أبي سلمةَ، عن سعيدِ بن جبيرٍ، عن ابن عباسٍ قال: بعَثه اللهُ - يعني يونُسَ - إلى أهلِ قريتِه، فردُّوا عليه ما جاءهم به، وامْتَنَعوا منه، فلمَّا فعَلوا ذلك أَوْحَى اللهُ إليه: إنى مُرْسِلٌ عليهم العذابَ في (١) يومِ كذا وكذا، فاخْرُجْ مِن بين أظْهُرهم. فأعْلَم قومَه الذي وعَدَهم (٢) اللهُ مِن عذابِه إياهم، فقالوا: ارْمُقوه، فإن خرَج مِن بين أظهرِكم، فهو واللهِ كائنٌ ما وعَدَكم.

فلما كانت الليلةُ التي وُعِدوا العذابَ في صبِحها أدْلَج ورآه القومُ، فخرَجوا من القريةِ إلى بَرازٍ (٣) مِن أرضِهم، وفرَّقوا بينَ كلِّ دابةٍ وولدِها، ثم عَجُّوا إِلى اللهِ، فاسْتَقالوه، فأقالهم، وتنظَّر (٤) يونُسُ الخبرَ عن القريةِ وأهلِها، حتى مرَّ به مارٌّ فقال: ما فعل أهلُ القريةِ؟ فقال: فعَلوا أن نبيَّهم خرَج من بين أظهرِهم، عرَفوا أنه صدَقهم ما وعَدَهم مِن العذابِ، فخرَجوا مِن قريتِهم إلى بَرازٍ من الأرضِ، ثم فرَّقوا بينَ كلِّ ذاتِ ولدٍ وولدِها، وعَجُّوا إلى اللهِ، وتابوا إليه، فقبِل منهم، وأخَّر عنهم العذابَ. قال: فقال يونُسُ عندَ ذلك، وغضِب: واللهِ لا أَرْجِعُ إليهم كذَّابًا أبدًا، وعَدْتُهم العذابَ في يومٍ، ثم رُدَّ عنهم! ومضَى على وجهِه مُغاضِبًا (٥).

حدَّثنا ابن بشارٍ، قال: ثنا محمدُ بنُ جعفرٍ، قال: ثنا عوفٌ، عن سعيدِ بن أبى


(١) بعده في ص، ف: "كل".
(٢) في ص، م، ت ١، ف: "وعده".
(٣) البراز: المكان الفضاء من الأرض البعيد الواسع. اللسان (ب ر ز).
(٤) في ت:٢: "ينظر"، وتنظره: انتظره في مهلة. اللسان "نظر".
(٥) في ت ١، ف: "مغضبا".
والأثر أخرجه المصنف في تاريخه ٢/ ١٣، وزاد في آخره: "لربه فاستزله الشيطان". وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ٣٣٣ إلى ابن أبي حاتم بنحوه مطولًا.