للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولُه: ﴿وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ﴾. حتى يَنْتهىَ العلمُ إلى اللهِ، منه (١) بُدِئ، وتعَلَّمَت العلماءُ، وإليه يعودُ. [وفى] (٢) قراءةِ عبدِ اللَّهِ: (وفوق كلِّ عالمٍ عليمٌ) (٣).

قال أبو جعفرٍ: إن قال لنا قائلٌ: وكيف جاز ليوسُفَ أَن يَجْعَلَ السِّقايةَ في رَحْلِ أخيه، ثم يُسَرِّقَ قومًا أبْرِياءَ مِن السَّرَقِ، ويقول: ﴿أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ﴾؟ [يوسُفَ: ٧٠].

قيل: إن قولَه: ﴿أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ﴾. إنما هو خبرٌ مِن اللَّهِ عن مؤذِّنٍ أذَّن به، لا خبرٌ عن يوسُفَ، وجائزٌ أن يكونَ المؤذِّنُ أذَّن بذلك إذ (٤) فقَد الصُّواعَ، ولا يَعْلَمُ بصنيع يوسُفَ، وجائزٌ أن يكونَ كان أذَّن المؤذِّنُ بذلك عن أمرِ يوسُفَ، واسْتَجاز الأمرَ بالنداءِ بذلك؛ لعلمِه بهم أنهم قد كانوا سرَقوا سرقةً في بعضِ الأحوالِ، فأمَر المؤذِّنَ أن يُنادِيَهم بوصفِهم بالسَّرَقِ، ويوسُفُ يعني ذلك السَّرَقَ، لا سَرَقَهم الصُّواعَ. وقد قال بعضُ أهلِ التأويلِ: إن ذلك كان خطأً من فعلِ يوسُفَ، فعاقَبه الله بإجابةِ القومِ إياه: ﴿إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ﴾. وقد ذكَرْنا الروايةَ بذلك فيما مضَى.

القول في تأويل قولُه: ﴿قَالُوا إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ قَالَ أَنْتُمْ شَرٌّ مَكَانًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَصِفُونَ (٧٧)﴾.


(١) في ص، ت ١، ت ٢، ف: "ومنه".
(٢) في م، ف: "في".
(٣) ذكره ابن كثير في تفسيره ٤/ ٣٢٦. وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٧/ ٢١٧٧ (١١٨٣٢) من طريق سعيد بن بشير به من غير ذكر القراءة، والقراءة شاذة.
(٤) في النسخ: "أن" وهو تحريف. والمثبت هو الصواب.