للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يكونَ مُحْكَمًا، بأنه بمعنًى واحدٍ، لا تأويلَ له غير تأويل واحدٍ، وقد استُغْنىَ بسماعِه عن بيانِ مُبيِّنه، [أو يكونَ مُحْكَمًا] (١)، وإن كان ذا وجوهٍ وتأويلاتٍ وتَصَرُّفٍ في معانٍ كثيرةٍ، بالدّلالةِ (٢) على المعنى المرادِ منه، إما من بيانِ اللَّهِ تعالى ذكرُه عنه، أو بيانِ رسولِه الأُمّته، ولن يذهَبَ علمُ ذلك عن علماءِ الأُمَّةِ؛ لما قد بَيَّنَا.

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ﴾.

قد أتيْنا على البيانِ عن تأويلِ ذلك، بالدَّلالة الشاهدةِ على صحةِ ما قلْنا فيه، ونحن ذاكرُو اختلافِ أهل التأويل فيه، وذلك أنهم اختلَفوا في تأويلِه؛ فقال بعضُهم: معنى قولِه: ﴿هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ﴾: هنّ الآىُ (٣) فيهنَّ الفرائضُ والحدودُ والأحكامُ. نحوَ قولِنا الذي قلْنا فيه.

ذكرُ من قال ذلك

حدَّثنا عِمْرانُ بن موسى القزَّازُ، قال: ثنا عبدُ الوارثِ بنُ سعيدٍ، قال: ثنا إسحاقُ بن سُوَيدٍ، عن يحيى بن يَعْمَرَ أنه قال في هذه الآيةِ: ﴿مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ﴾ قال يحيى: هنَّ اللاتى فيهنَّ الفرائضُ والحدودُ وعمادُ الدينِ. وضرَب لذلك مَثلًا، فقال: أُمُّ القُرَى مَكَةُ، وأُمُّ خُراسانَ مَرْوُ، وأُمُّ المسافِرِين الذي يَجْعَلُون إليه أمرَهم، ويُعْنَى بهم في سفرِهم. قال: فذاك أُمُّهم (٤).

حدَّثني يونسُ، قال: أخبَرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قولِه: ﴿هُنَّ أُمُّ


(١) سقط من: ت ٢.
(٢) في م: "فالدلالة".
(٣) في م: "اللائي".
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٢/ ٥٩٣ (٣١٧٢) من طريق إسحاق بن سويد، به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٤ إلى عبد بن حميد وابن الضريس.