للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

درجةِ هذا.

وذلك كالذى حدَّثني محمدُ بنُ الحسينِ، قال: ثنا أحمدُ بنُ المفضلِ، قال: ثنا أسباطُ، عن السديِّ: ﴿وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ﴾. يقولُ: في الرزقِ (١).

وأما قولُه: ﴿لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ﴾. فإنه يعنى: ليَخْتَبِرَكم فيما خَوَّلكم مِن فضلِه، ومنَحكم مِن رزقِه، فيَعْلَمَ المطيعَ له منكم فيما أمرَه به ونَهاه عنه، والعاصىَ، ومَن المؤدِّي مما آتاه الحقَّ الذي أمرَه بأدائِه منه، والمُفرِّطُ في أدائِه.

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (١٦٥)﴾.

يقولُ جلّ ثناؤُه لنبيِّه محمدٍ : إن ربَّك يا محمدُ لسريعُ العقابِ لمَن أسْخَطَه. بارتكابِه معاصيَه، وخلافِه أمْرَه فيما أمَره به ونهاه، ولَمن ابتُلِي منه فيما منَحه مِن فضلِه وطَوْلِهِ، تَوَلِّيًا وإدبارًا عنه، مع إنعامِه عليه، وتَمْكينِه إياه في الأرضِ، كما فعَل بالقرونِ السالفةِ، ﴿وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ﴾. يقولُ: وإنه لساترٌ ذنوبَ مَن ابْتُلِي منه إقبالًا إليه بالطاعةِ عندَ ابتلائِه إياه بنعمتِه (٢)، واختبارِه إياه بأمرِه ونَهْيِه، فمُغَطٍّ عليه فيها، وتاركٌ فضيحتَه بها في موقفِ الحسابِ. ﴿رَّحِيمُ﴾ بتركِه عقوبتَه على سالفِ ذنوبِه التي سَلَفَت بينَه وبينَه إذ تابَ وأنابَ إليه قبلَ لقائِه ومصيرهِ إليه.


(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٥/ ١٤٣٦ (٨١٩١) من طريق أحمد بن مفضل به. وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ٦٧ إلى أبى الشيخ.
(٢) في م: "نعمة".