للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

﴿ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ﴾. وقد ذكَرنا معنى الاستواءِ واختلافَ الناس فيه فيما مَضَى قبلُ، بما أغنى عن إعادته (١).

وأما قولُه: ﴿يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا﴾، فإنه يقولُ: يُورِدُ الليل على النهارِ فيُلبِسُه إياه، حتى يُذْهِبَ نَضْرته ونورَه، ﴿يَطْلُبُهُ﴾. يقول: يطلبُ الليلُ النهارَ ﴿حَثِيثًا﴾. يعني: سريعًا.

وبنحوِ الذي قُلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني المثنى، قال: ثنا عبدُ اللهِ، قال: ثني معاويةُ، عن عليٍّ، عن ابن عباسٍ: ﴿يَطْلُبُهُ حَثِيثًا﴾. يقولُ: سريعًا (٢).

حدَّثني محمدُ بنُ الحسينِ، قال: ثنا أحمدُ، قال: ثنا أسباطُ، عن السديِّ: ﴿يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا﴾. قال: يُغْشى الليلَ النهارَ، فيذهبُ بضَوْئِه، ويطلُبُه سريعًا حتى يُدْرِكَهُ (٣).

القولُ في تأويلِ قولِه جلَّ ثناؤه: ﴿وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (٥٤)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: إن ربَّكم اللهُ الذي خَلَقَ السماواتِ والأرضَ والشمسَ


= ١٤/ ١٠٦ من طريق أبي عوانة، عن أبي كثير، عن مجاهد، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ٩١ إلى سعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم.
(١) ينظر ما تقدم في ١/ ٤٥٤ - ٤٥٨.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٥/ ١٤٩٨ (٨٥٨٢) من طريق أبي صالح به.
(٣) أخرج شطره الأول ابن أبي حاتم في تفسيره ٥/ ١٤٩٧ (٨٥٨١) من طريق أحمد بن المفضل به، وشطره الثاني ٥/ ١٤٩٨ عقب الأثر (٨٥٨٢) من طريق عمرو، عن أسباط به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ٩٢ إلى أبي الشيخ.