للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خلافٌ لقولِ جميعِ أهلِ التأويلِ من الصحابةِ والتابعين، وحسْبُ قولٍ خطأً أن يكونَ خلافًا لقولِ مَن ذَكَرْنا. وقد بيَّنا أقوالَهم فيه، وأن معناه: ويُثبِّتُ أقدامَ المؤمنين بتلبيدِ المطرِ الرملَ حتى لا تسوخَ فيه أقدامُهم وحوافِرُ دوابِّهم.

وأما قولُه: ﴿إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ﴾: أَنصرُكُم، ﴿فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا﴾. يقولُ: قَوُّوا عزمَهم، وصحِّحُوا نيّاتِهم في قتالِ عدوِّهم من المشركين.

وقد قيلَ: إنَّ تثبيتَ الملائكةِ المؤمنين كان حضورَهم حربَهم معهم. وقيل: كان ذلك معونتَهم إيَّاهم بقتالِ أعدائِهم. وقيل: كان ذلك بأن الملَكَ يأتى الرجلَ من أصحابِ النبيِّ ويقولُ: سمِعتُ هؤلاءِ القومَ -يعنى المشركين- يقولون: واللهِ لئن حمَلُوا عليْنا لنَنْكشِفنَّ. فيحدِّثُ المسلمون بعضُهم بعضًا بذلك، فتقوَى أنفُسُهم. قالوا: وذلك كان وحيَ الله إلى ملائكتِه.

وأما ابنُ إسحاقَ، فإنه قال بما حدَّثنا ابنُ حُميدٍ، قال: ثنا سلمةُ، عن ابنِ إسحاقَ: ﴿فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا﴾. أى فآزِرُوا الذين آمنوا (١).

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: سأُرعِبُ قلوبَ الذين كفروا بي، أيها المؤمنون، منكم، وأملؤُها فَرَقًا حتى ينهزِموا عنكم، ﴿فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ﴾.

واختلفَ أهلُ التأويلِ في تأويلِ قولِه: ﴿فَوْقَ الْأَعْنَاقِ﴾؛ فقال بعضُهم:


(١) سيرة ابن هشام ١/ ٦٦٧، وأخرجه ابن أبي حاتم فى تفسيره ٥/ ١٦٦٧ من طريق سلمة عن محمد بن إسحاق عن محمد بن جعفر بن الزبير عن عروة بن الزبير قوله.