للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا واحد للرُّفاتِ، وهو بمنزلةِ الدُّقاقِ والحُطَامِ. يقال منه: رُفِتَ يُرْفَتُ رَفْتًا فهو مرفوتٌ؛ إذا صُيِّر كالحُطامِ والرُّضَاضِ.

وقولُه: ﴿أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا﴾. قالوا إنكارًا منهم للبعثِ بعدَ الموتِ: إنَّا لمبعوثون بعدَ مصيرِنا في القبورِ عظامًا غيرَ مُنحَطِمَةٍ ورفاتًا مُنْحَطِمَةً، وقد بَلينا فصِرْنا فيها ترابًا - خلقًا مُنْشَأً، كما كُنَّا قبلَ المماتِ، جديدًا؛ نُعادُ كما بُدِئْنَا؟ فأَجَابَهم مُعرِّفَهم قُدرتَه على بعثه إياهم بعدَ مماتِهم، وإنشائِه لهم كما كانوا قبلَ بِلاهم خلقًا جديدًا، على أيِّ حالٍ كانوا من الأحوال، عظامًا أو رفاتًا أو حجارةً أو حديدًا، أو غيرَ ذلك مما يَعْظُمُ عندهم أن يُحْدِثَ مِثْلَه خَلْقًا أمثالَهم أحياءً. ﴿قُلْ﴾ يا محمدُ: ﴿قُلْ كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا (٥٠) أَوْ خَلْقًا مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ﴾.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿قُلْ كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا (٥٠) أَوْ خَلْقًا مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ فَسَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدُنَا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُءُوسَهُمْ وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا (٥١)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه لنبيِّه محمدٍ : قل يا محمدُ للمكذّبين بالبعثِ بعدَ المماتِ من قومِك القائلين: ﴿أَإِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا﴾: كونوا - إن عجِبتُم من إنشاءِ اللهِ إياكم، وإعادتِه أجسامَكم، خلقًا جديدًا بعد بِلاكم في الترابِ، ومصيركم رفاتًا، وأنكَرتُم ذلك من قُدرتِه - ﴿حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا (٥٠) أَوْ خَلْقًا مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ﴾ إن قدرتُم على ذلك، فإني أُحْيِيكم وأبعَثُكم خلقًا جديدًا بعد مصيرِكم كذلك كما بدأتُكم أولَ مرةٍ.

واختلَف أهلُ التأويلِ في المعنيِّ بقوله: ﴿أَوْ خَلْقًا مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ﴾؛ فقال بعضُهم: عُنِى به الموتُ، وأُرِيد به: أو كونوا الموتَ، فإنكم إن