للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقولُه: ﴿قَالَ يَامُوسَى إِنَّ الْمَلأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ﴾. يقولُ جلَّ ثناؤُه: قال الرجلُ الذي جاء من أقصى المدينة يسعى لموسى: يا موسى، إن أشراف قوم فرعونَ ورؤساءَهم يَتَوامَرون (١) بقَتْلِك، ويتَشاورُون ويَرْتَئون فيه (٢). ومنه قولُ الشاعر (٣):

ما تَأْتِمر فينا فَأمْـ … ـرُكَ في يَمينك أو شِمالِكْ

يعنى: ما تَرْتئى وتَهمَّ به. ومنه قولُ النَّمِرِ بن تَوْلَبٍ (٣):

أرَى النَّاسَ قَدْ أَحْدَثُوا شِيمَةً … وفي كُلِّ حادِثَةٍ يُؤْتَمَرْ

أي: يُتَشاوَرٌ ويُرتأى فيها.

وقولُه: ﴿فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ﴾. يقولُ: فاخْرُج من هذه المدينة، إنى لك في إشارتي عليك بالخروج منها من النَّاصحين.

القولُ في تأويل قوله تعالى: ﴿فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (٢١) وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ قَالَ عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ (٢٢)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: فخرج موسى من مدينة فرعون خائفًا من قتله النفس أن يُقْتَلَ به، ﴿يَتَرَقَّبُ﴾. يقولُ: ينتظرُ الطلب أن يُدرِكَه فيأخُذَه.

كما حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: حدَّثنا سعيدٌ، عن قتادةَ: ﴿فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ﴾: خائفًا من قتله النفس، يترقَّبُ الطلب، قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ


(١) في م: "يتآمرون".
(٢) في م: "فيك".
(٣) في التبيان ٨/ ١٢٣ مجاز القرآن ٢/ ١٠٠، وتفسير القرطبي ١٣/ ٢٦٦. وينظر شعره المجموع ص ٥٦.