للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[يقولُ تعالى ذكرُه: ﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى﴾ الذين أرسلنا إليهم رُسُلَنا الذين ذكَرتُ لك يا محمدُ نبأَهم في هذه السورةِ وغيرِها، ﴿آمَنُوا﴾. يقولُ: صدَّقوا الله ورسلَه، ﴿وَاتَّقَوْا﴾. يقول: واتَّقَوْا اللَّهَ فخافُوا عَذَابَه بَتَجَنُّبِهِم مَا يَكْرَهُه مِن أعمالِهم، والإنابةِ إلى ما يُحِبُّه منهم مِن العملِ بطاعتِه، ﴿لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ﴾. يقولُ: لأرسَلنا عليهم مِن السماءِ الأمطارَ، وأنْبَتْنا لهم مِن الأرضِ بها النباتَ، ورفَعنا عنهم القُحوطَ والُجدوبَ، وذلك مِن بركاتِ السماءِ والأرض. وأصلُ البركةِ المواظبةُ على الشئِ، يقال: قد بارَك فلانٌ على فلانٍ. إذا واظَب عليه، والمباركةُ نحوُ المواظبةِ، فكأنَّ قولَه: ﴿بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ﴾. ما يتَتابعُ عليهم مِن خيرِ السماءِ والأرضِ، ﴿وَلَكِنْ كَذَّبُوا﴾. يقولُ: ولكن كذَّبوا باللهِ ورسلِه، ﴿فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾. يقولُ: فعجَّلنا لهم العقوباتِ بكسبِهم الخبيثِ وعملِهم الردئِ، وذلك كفرُهم باللهِ وآياتِه.

القولُ في تأويلِ قولِه جلَّ وعزَّ: ﴿أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ (٩٧) أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ (٩٨)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: ﴿أَفَأَمِنَ﴾ يا محمدُ ﴿أَهْلُ الْقُرَى﴾ المكذبةِ باللهِ ورسولِه أن يُسْلَكَ بهم مَسْلَكَ سلّافِهم من الأممِ المكذبةِ الله ورسلَه، في تعجيلِ العقوبةِ لهم كما عُجِّلت لهم، وقد سلَكوا سبيلَهم في تكذيبِ اللهِ ورسولِه وجحودِ آياتِه فـ ﴿يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا﴾ يقولُ: عقوبتُنا ﴿بَيَاتًا﴾ يَعْنى: ليلًا، ﴿وَهُمْ نَائِمُونَ﴾.

﴿أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ﴾. يقولُ: أَوَ أَمِنوا أن تأتيَهم عقوبتُنا نهارًا عندَ الضحى وهم ساهون غافِلون عن مجيئِه، لا يَشْعُرون به] (١).


(١) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س، ف، وهو خرم قديم، استدركناه من نسخة جامعة القرويين، والتي هي الأصل عندنا.