اخْتَلف أهلُ التأويلِ في تأويلِ هذه الآيةِ؛ فقال بعضُهم: تأويلُها: فمَن حضَر مريضًا وهو يُوصِى عندَ إشرافِه على الموتِ، فخاف أن يُخْطِئَ في وصيَّتِه فيَفْعَلَ ما ليس له، أو أن يَعْمَدَ جورًا فيها، فيَأْمُرَ بما ليس له الأمرُ به، فلا حرجَ على مَن حضَره فسمِع ذلك منه أن يُصْلِحَ بينَه وبينَ ورثتِه، بأن يَأْمُرَه بالعدلِ في وصيَّتِه، وأنْ يَنْهاهم عن منعِه ممَّا أذِن اللهُ له فيه وأباحه له.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثنى محمدُ بنُ عمرٍو قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، عن ابنِ أبى نَجيحٍ، عن مجاهدٍ في قولِه: ﴿فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا﴾. قال: هذا حينَ يُحْضَرُ الرجلُ وهو يموتُ، فإذا أسْرَف أمَروه بالعدلِ، وإذا قصَّر قالوا: افْعَلْ كذا، أعطِ فلانًا كذا (١).
حدَّثنى المُثَنَّى، قال: ثنا أبو حُذيفةَ، قال: ثنا شبلٌ، عن ابنِ أبى نَجيحٍ، عن مجاهدٍ: ﴿فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا﴾. قال: هذا حينَ يُحْضَرُ الرجلُ وهو في الموتِ، فإذا أشرفَ على الموتِ أمَروه بالعدلِ، وإذا قصَّر عن حقٍّ قالوا: افْعَلْ كذا، أعطِ فلانًا كذَا.
وقال آخَرون: بل معنى ذلك: فمَن خاف -مِن أوصياءِ ميتٍ، أو والِى أمرِ المسلمين- مِن موصٍ جنفًا في وصيَّتِه التى أوْصَى بها الميتُ، فأصْلَحَ بينَ ورثتِه وبينَ
(١) تفسير مجاهد ص ٢٢٠، وعزاه السيوطى في الدر المنثور ١/ ١٧٥ إلى عبد بن حميد.