للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والذِّكارةُ جمعُ ذَكَرٍ. وقرَأ ذلك عامة قرأةِ الكوفيِّين: ﴿كَأَنَّهُ جِمَالَتٌ﴾ بكسرِ الجيمِ (١)، على أنَّها جمعُ جَمَلٍ، جُمِع على جِمالةٍ، كما ذكَرْتُ مِن جمعِ حَجَرٍ حِجَارةٌ.

ورُوى عن ابن عباسٍ أنه كان يقرَأُ: (جُمالاتٌ)، بالتاءِ وضمِّ الجيمِ (٢)، كأنه جمعُ جُمالةٍ، مِن الشيءِ المجملِ.

حدَّثنا أحمدُ بنُ يوسفَ، قال: ثنا القاسمُ، قال: ثنا حجاجٌ، عن هارونَ، عن الحسينِ المُعَلِّمِ، عن أبي بشرٍ، عن سعيدِ بن جبيرٍ، عن ابن عباسٍ (٣).

والصوابُ مِن القولِ في ذلك أنَّ لقارئ ذلك اختيارَ أيِّ القراءتين شاء، مِن كسرِ الجيمِ وقراءتِها بالتاءِ، وكسرِ الجيمِ وقراءتِها بالهاءِ التي تَصِيرُ في الوصلِ تاءً؛ لأنهما القراءتان المعروفتان في قرَأةِ الأمصارِ، فأما ضمُّ الجيمِ فلا أستجيزُه؛ لإجماعِ الحجةِ مِن القرَأَةِ على خلافِه.

وقولُه: ﴿وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: ويلٌ يومَ القيامةِ للمكذَّبين. هذا الوعيدُ الذي توعَّد اللهُ به المكذِّبين مِن عبادِه.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿هَذَا يَوْمُ لَا يَنْطِقُونَ (٣٥) وَلَا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ (٣٦) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٣٧) هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ جَمَعْنَاكُمْ وَالْأَوَّلِينَ (٣٨) فَإِنْ كَانَ لَكُمْ كَيْدٌ فَكِيدُونِ (٣٩) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٤٠)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه لهؤلاءِ المكذِّبين بثوابِ اللهِ وعقابِه: هذا يَوْمُ لا يَنْطِقُ أَهلُ التكذيبِ بثوابِ اللهِ وعقابِه.

وَلا يُؤذَنُ لهم فيعتذرونَ مما اجْتَرموا في الدنيا من الذنوبِ.


(١) وهى قراءة حمزة والكسائي وحفص عن عاصم. ينظر المصدر السابق.
(٢) وقرأ بها أيضًا السلمى والأعمش وأبو حيوة وأبو بحرية وابن أبي عبلة ورويس. ينظر البحر المحيط ٨/ ٤٠٧، والنشر ٢/ ٢٩٧.
(٣) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ٣٠٤ إلى المصنف وابن المنذر.