للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خَوْفٌ عَلَيْهِم﴾ عندَ قدومِهم على ربِّهم، من عقابه وعذابِه الذي أعَدَّه الله لأعدائِه وأهل معاصيه، ﴿وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ عندَ ذلك، على ما خلَّفوا وراءَهم في الدنيا.

القولُ في تأويل قوله: ﴿وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا يَمَسُّهُمُ الْعَذَابُ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (٤٩)﴾.

يقولُ تعالى ذكره: وأما الذين كذَّبوا بمن أرْسَلْنا إليه مِن رسلنا، وخالَفوا أَمْرَنا ونهيَنا، ودافَعوا حُجَّتَنا، فإنهم يُباشِرُهم عذابُنا وعقابُنا على تكذيبهم ما كذَّبوا به من حُجَجِنا، ﴿بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ﴾. يقولُ: بما كانوا يُكَذِّبون.

وكان ابن زيدٍ يقولُ: كلُّ فِسْقٍ في القرآنِ فمعناه الكَذِبُ.

حدَّثني بذلك يونُسُ، قال: أَخْبَرَنا ابن وهبٍ عنه (١).

القول في تأويل قوله: ﴿قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ (٥٠)﴾.

يقول تعالى ذكره: قُلْ لهؤلاء المُنْكرين نبوَّتَك: لستُ أقولُ لكم: إنى الربُّ الذي له خزائن السماواتِ والأرضِ، وأعلمُ غيوبَ الأشياءِ الخفيةِ التي لا يعلمُها إلا الربُّ الذي لا يَخْفَى عليه شيءٌ، فتكذِّبونى فيما أقولُ مِن ذلك؛ لأنه لا ينبغي أن يكونَ ربًّا إلا مَن له مُلْكُ كلِّ شيءٍ، وبيده كلُّ شيءٍ، ومَن لا يَخْفَى عليه خافيةٌ. وذلك هو الله الذي لا إله غيرُه، ﴿وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ﴾؛ لأنه لا ينبغى لملَكٍ أن


(١) تقدم تخريجه ص ١٠٧، كما عزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ١٢ إلى المصنف.