للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قيل: اختلَف أهلُ التأويلِ في ذلك؛ فقال بعضُهم: هو أن يَسْتَشْلِيَ (١) لطلبِ الصيدِ إذا أرسَله صاحبُه، ويُمْسِكَ عليه إذا أخَذه، فلا يأكلَ منه، ويَستجِيبَ له إذا دعاه، ولا يَفرَّ منه إذا أراده، فإذا تتابع ذلك منه مِرارًا كان معلَّمًا. وهذا قولُ جماعةٍ مِن أهلِ الحجازِ وبعضِ أهلِ العراقِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا محمدُ بنُ بشارٍ، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: أخبَرنا ابن جُرَيجٍ، قال: قال عطاءٌ: كلُّ شيءٍ قتَله صائدُك قبلَ أن يُعَلَّمَ ويُمْسِكَ ويَصِيدَ فهو مَيْتَةٌ، ولا يكونُ قتلُه إياه ذكاةً حتى يُعَلَّمَ ويُمسِكَ ويَصِيدَ، فإذا كان ذلك ثم قتَل فهو ذَكاةٌ (٢).

حدَّثني محمدُ بنُ سعدٍ، قال: ثنى أبي، قال: ثنى عمي، قال: ثنى أبي، عن أبيه، عن ابن عباسٍ، قال: آيةُ (٣) المعلَّمِ مِن الكلابِ أن يُمْسِكَ صيدَه فلا يَأْكُلَ منه حتى يَأْتِيه صاحبُه، فإن أكَل مِن صيدِه قبلَ أن يأتِيَه صاحبُه فيُدرِكَ ذكاتَه، فلا يَأْكُلْ مِن صيدِه (٤).

حدَّثنا أبو كريبٍ، قال: ثنا ابن عُيَيْنةَ، عن عمرٍو، عن طاوسٍ، عن ابن عباسٍ، قال: إذا أكَل الكلبُ فلا تَأْكُلْ، فإنما أَمْسَك على نفسِه (٥).

حدَّثنا أبو كريبٍ ويعقوبُ بنُ إبراهيمَ، قالا: ثنا إسماعيلُ بنُ إبراهيمَ، قال: ثنا


(١) قال الأزهري في تفسير قول الشافعي: فكان إذا أُشْلى استشلي: أُشلى: أي دعى، استشلي: أي أجاب، كأنه يدعوه للصيد فيجيبه ويعدو على الصيد. الزاهر ص ٣٩٩، وسيأتي مثله في كلام المصنف ص ١١٥.
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة (٥/ ٣٥٥)، (٣٥٦) من طريق ابن جريج به مختصرًا.
(٣) في م: "إن".
(٤) عزاه السيوطي في الدر المنثور (٢/ ٢٦٠) إلى المصنف.
(٥) أخرجه عبد الرزاق في مصنفه (٨٥٢١) عن ابن عيينة به، وأخرجه (٨٥١٣) من طريق طاوس به.