للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

﴿إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا﴾. قال: قَرَّب هذا زرعًا، وذا عَناقًا، فتَرَكَتِ النارُ الزرعَ، وأَكَلَتِ العَنَاقَ (١).

وقال آخرون: اللذان قرَّبا قربانًا، وقصَّ اللهُ عزَّ ذكرُه قَصَصَهما في هذه الآيةِ، رجلان من بني إسرائيلَ، لا مِن وَلَدِ آدمَ لصُلْبِه.

ذكرُ مِن قال ذلك

حدَّثنا ابن وكيعٍ، قال: ثنا سهلُ بنُ يوسفَ، عن عمرٍو، عن الحسنِ، قال: كان الرجلان اللذان في القرآنِ، اللذان قال اللهُ: ﴿وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ﴾. من بنى إسرائيلَ، ولم يكونا ابْنَىْ آدمَ لصُلْبِه، وإنما كان القربانُ في بنى إسرائيلَ، وكان آدمُ أوّلَ مَنْ مات (٢).

وأَوْلَى القولين في ذلك عندى بالصوابِ أن اللذَيْن قرَّبا القربان كانا ابْنَيْ آدمَ لصُلْبِه، لا مِن ذُرِّيَّتِه مِن بنى إسرائيلَ، وذلك أن الله ﷿ يَتَعَالَى عن أن يُخاطِبَ عبادَه بما لا يُفيدُهم به فائدةً، والمُخاطَبون بهذه الآيةِ كانوا عالمين أن تقريبَ القربانِ اللَّهِ لم يكنْ إلا في ولدِ آدمَ، دونَ الملائكةِ والشياطينِ وسائرِ الخَلْقِ غيرِهم. فإذ كان معلومًا ذلك عندَهم، فمعقولٌ أنه لو (٣) لم يكنْ مَعْنيًّا بِابْنَى (٤) آدمَ اللذَّيْن ذَكَرَهما اللَّهُ ﷿ في كتابِه ابناه لصُلْبِه، لم (٥) يُفدهم بذكره إيَّاهما فائدةً لم تكنْ


(١) تقدم بنحوه في ص ٣٢٠.
(٢) أخرجه المصنف في تاريخه ١/ ١٤٣. وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٢٧٣ إلى عبد بن حميد، وقال ابن كثير في تفسيره ٣/ ٨٥ عقب الأثر: وهذا غريب جدًّا، وفي إسناده نظر. وسيأتي رد المصنف هذا القول في ص ٣٣٥، ٣٤٠.
(٣) سقط مِن: ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س.
(٤) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "به ابني".
(٥) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "فلم".