للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويعني بقولِه: ﴿كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ﴾: عددُ كلِّ دابةٍ، ومبلغُ أرزاقِها، وقدرُ قرارِها في مستقرِّها، ومدةُ لُبْثِها في مستودعِها، كلُّ ذلك في كتابٍ عندَ اللَّهِ مُثْبَتٌ مكتوبٌ، ﴿مُبِينٍ﴾: يُبِينُ لمَن قرأه أن ذلك مثبتٌ مكتوبٌ قبلَ أن يخلقَها ويُوجِدَها.

وهذا إخبارٌ مِن اللَّهِ جلّ ثناؤُه الذين كانوا يَثْنون صدورَهم ليَسْتَخْفوا منه، أنه قد عَلِمَ الأشياءَ كلَّها، وأثبَتَها في كتابٍ عندَه قبلَ أن يَخلقَها ويُوجِدَها.

يقولُ لهم تعالى ذكره: فمَن كان قد عَلِمَ ذلك منهم قبلَ أن يُوجِدَهم، فكيف يَخْفَى عليه ما تَنْطَوي عليه نفوسُهم إذا ثَنَوا به صدورَهم، واسْتَغْشَوا عليه ثيابَهم؟

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ (٧)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: اللَّهُ الذي إليه مرجعُكم أيُّها الناسُ جميعًا، ﴿وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ﴾. يقولُ: أَفيَعجِزُ مَن خَلَقَ ذلك مِن غيرِ شيءٍ أن يُعِيدَكم أحياءً بعدَ أن يُمِيتَكم؟

وقيل: إن اللَّهَ تعالى ذكرُه خلَق السماواتِ والأرضَ وما فيهنَّ في الأيامِ الستةِ، فاجتُرِئَ في هذا الموضعِ بذكْرِ خلْقِ السماواتِ والأرضِ مِن ذكرِ خلْقِ ما فيهنَّ.

حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثنى حجاجٌ، عن ابنِ جريجٍ، قال: أخبَرني إسماعيلُ بنُ أميةَ، عن أيوبَ بنِ خالدٍ، عن عبدِ اللَّهِ بنِ رافعٍ، مولى أمِّ سَلَمةَ، عن أبي هريرةَ، قال: أَخَذ رسولُ اللَّهِ بيدي، فقال: "خَلَقَ اللَّهُ التُّربةَ