للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: تَهْجُرُ مَضْجَعَها ما رأيتَ أن تَنْزعَ، فإن لم تَنْزِعُ ضَرَبها ضَرْبًا غَيرَ مُبَرِّحٍ.

حدَّثني المُثَنَّى، قال: ثنا عمرُو بنُ عونٍ، قال: ثنا هُشَيمٌ، عن يونسَ، عن الحسنُ: ﴿وَاضْرِبُوهُنَّ﴾. قال: ضربًا غَيرَ مُبَرِّحٍ.

حدَّثني المُثَنَّى، قال: ثنا حِبَّانُ، قال: ثنا ابنُ المباركِ، قال: أخبَرنا عبدُ الوارثِ ابن سعيدٍ، عن رجلٍ، عن الحسنِ: ضَرْبًا غيرَ مُبَرِّحٍ: غَيرَ مُؤَثْرٍ (١).

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا﴾.

يعنى بذلك جلّ ثناؤُه: فإن أطَعْنَكم (٢) أيُّها الناسُ نساؤكم اللاتي تَخافون نُشوزهنَّ عندَ وَعْظِكم إيَّاهن، فلا تَهْجُرُوهن في المَضاجعِ، فإن لم يُطعنَكم، فاهجُرُوهنَّ في المَضاجعِ واضربوهنَّ، فإن راجَعْنَ طاعتَكم عندَ ذلك، وفِتْنَ (٣) إلى الواجب عليهنَّ، فلا تَطْلُبُوا طريقًا إلى أذاهنَّ ومَكْرُوهِهِنَّ، ولا تَلْتَمِسوا سبيلًا إلى ما لا يَحِلُّ لكم من أبدانِهنَّ وأموالِهن بالعِلَل، وذلك أن يقولَ أحدُكم لإحداهن وهى له مُطِيعةٌ: إنكِ لستِ تُحبِّيني، وأنت لى مُبْغِضَةٌ. فيَضرِبُها على ذلك أو يُؤذيها. فقال اللَّهُ تعالى للرجال: ﴿فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ﴾. أى: على بُغْضِهِنَّ لكم، فلا تَجنُّوا عليهن، ولا تُكَلِّفُوهُنَّ مَحَبَّتكم؛ فإن ذلك ليس بأيدِيهن، فتَضْرِبوهنَّ أو تُؤْذُوهُنَّ عليه.

ومعنى قولِه: ﴿فَلَا تَبْغُوا﴾: لا تَلْتَمِسوا ولا تَطْلُبوا. من قولِ القائلِ: بَغَيتُ الضَّالَّةَ. إذا التَمسْتَها، ومنه قولُ الشاعرِ في صفةِ الموتِ (٤):


(١) أخرجه ابن أبي شيبة ٤/ ٤٠٢، وابن أبي حاتم في تفسيره ٣/ ٩٤٤ (٥٢٧٤) من طريق حميد، عن الحسن.
(٢) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "أطاعكم".
(٣) في س: "رجعن".
(٤) تقدم تخريج البيت في ٣/ ٥٠٢.