للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إليهم (١) رسولًا، ولا أوْحَى إليهم كتابًا.

وهذه الآيةُ تُنْبئُ عن (٢) أن مَن أتَى شيئًا مِن معاصِى اللهِ على علمٍ منه بنَهْىِ اللهِ عنها، فمُصيبتُه في دينِه أعظمُ مِن مصيبةِ مَن أتَى ذلك جاهلًا به؛ لأن اللهَ تعالى ذِكرُه عظَّم توبيخَ اليهودِ والنصارَى بما وبَّخَهم به -في قيلِهم ما أخبَر عنهم بقولِه: ﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ﴾ - مِن أجلِ أنهم أهلُ كتابٍ، قالوا ما قالوا مِن ذلك على علمٍ منهم بأنهم فيه مُبْطِلون.

القولُ في تأويلِ قوله جل ثناؤُه: ﴿فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (١١٣)﴾.

يعنى بذلك جل ثناؤُه: فاللهُ يَقْضِى فيَفْصِلُ بينَ هؤلاءِ المُختلفِين القائلِ بعضُهم لبعضٍ: لستم على شيءٍ مِن دينِكم. يومَ قيامِ الخلقِ لرِّبهم مِن قبورِهم، فيتبيَّنُ (٣) المحقُّ منهم مِن المُبطلِ، بإيتائِه (٤) المحقَّ ما وعَد أهلَ طاعتِه على أعمالِهم الصالحةِ، ومجازاتِه المُبطِلَ منهم بما أوْعَد أهلَ الكفرِ به على كفرِهم به، فيما كانوا فيه يَخْتَلِفون مِن أديانِهم ومِلَلِهم في دارِ الدنيا.

وأما "القيامةُ"، فهى مصدرٌ مِن قولِ القائلِ: قمتُ قِيامًا وقِيامةً. كما يقالُ: عُدْتُ فلانًا عِيادةً. و: صُنْتُ هذا الأمرَ صِيانةً. وإنما عنَى بالقيامةِ قيامَ الخلقِ مِن قبورِهم لربِّهم. فمعنى ﴿يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾: يومَ قيامِ الخلائقِ مِن قبورِهم لمحشرِهم.


(١) في م. "لهم".
(٢) في ت ١، ت ٢: "على".
(٣) في متن الأصل: "فيبين"، وكتب مقابله: "فتبين".
(٤) في م: "بإثابة".